الحرمان من الحق في العفو: طريق السعودية للمضي في القتل

تفرض القوانين والمواثيق الدولية التزامات على الدول التي لا زالت تطبق عقوبة الإعدام، بهدف ضمان وصول الأفراد الذي يواجهون هذه العقوبة إلى حقوقهم كاملة، ومن بين أبرزها الحق في العفو.

تنص المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه: “لأي شخص حكم عليه بالإعدام حق التماس العفو الخاص أو إبدال العقوبة. ويجوز منح العفو العام أو العفو الخاص أو إبدال عقوبة الإعدام في جميع الحالات”. ويؤكد الميثاق العربي لحقوق الإنسان في مادته السادسة أنه لكل محكوم عليه بعقوبة الإعدام الحق في طلب العفو أو استبدالها بعقوبة أخف.

يستحوذ الملك في المملكة العربية السعودية بشكل كامل على الحق في العفو في قضايا الحق العام، وهي القضايا التي يكون خصم المتهم فيها الدولة أو المجتمع لا شخص، فيما لا يمكن العفو في جرائم الحق الخاص دون موافقة صاحب الحق وأولياء الدم. وتنص المادة 23 من قانون الإجراءات الجزائية السعودي على أن تنقضي الدعوى الجزائية العامة في حالات محددة، بينها عفو ولي الأمر.

يعمد الملك في مناسبات خاصة إلى الإعلان عن عفو ملكي، من بين ذلك في شهر رمضان. ومن المعتاد أن يكون العفو الملكي بشروط وضوابط محددة، حيث يستثني جرائم معينة بينها التي تمس أمن الدولة، إلى جانب تضمنه معايير بينها حسن السلوك في السجن ومدة الحكم وغيرها.

تنقسم الأحكام في السعودية إلى ثلاثة أقسام:

  • الحدود، وهي عقوبات على جرائم يفترض أنها تجاوز لحد الله والتي تتضمن عدة أنواع، بينها شرب الخمر والزنا والحرابة أي قطع الطرق.
  • القصاص الفقه الإسلامي، هو: عقوبة مقدرة شرعا، تقضي بمعاقبة الجاني بمثل ما فعل.
  • التعزير: هو عقوبة مقدرة من قبل القاضي وغير مذكورة في القانون والشريعة.

فيما يتعلق بأحكام الإعدام، يعتمد الحق في العفو كذلك على نوع الحكم الصادر، حيث لا تشمل أحكام الحدود  كما أن أحكام القصاص يكون فيها العفو حق أهل الضحية لأنها تندرج ضمن الحق الخاص. بالتالي يملك الملك الحق في العفو في الأحكام التعزيرية.

تقول السعودية أنها تستند إلى الشريعة الإسلامية في إصدار أحكام القتل، حيث تستهل بيانات الإعلان عن تنفيذ الأحكام بآيات قرآنية، كما أنها تكرر أنها تسعى إلى تطبيق تفسير وسطي للإسلام والقضاء على الأحكام المتطرفة، وهذا ما من المفترض أن ينطبق على الأحكام القضائية التي تستند إلى تفسير للآيات القرآنية والأحاديث.

على الرغم من ذلك، فإن مراجعة عدد من صكوك الأحكام، وتتبع بعض القضايا وخاصة لمعتقلين سياسيين حيث تنتقي نصوصاً دينية وأقوالاً لرجال دين متشددين، من أجل تبرير الأحكام الجائرة وتغليظ العقوبة الصادرة بحق الضحايا، وتتجاهل الكثير من النصوص الصريحة التي تحث وتشجع على العفو.

تطبيق العفو في السعودية:

بحسب تتبع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان على الرغم من صدور عفو ملكي سنويا لسجناء الحق العام، فإنه لم يشمل معتقلين يواجهون عقوبة الإعدام.

من حق المحكوم بالقتل طلب العفو من صاحب العلاقة، ففي الأحكام التعزيرية التي يواجه فيها الأفراد تهما تتعلق بالحق العام، غالبا لا يوجد ضحية ولا عائلة ضحية، والجهة الوحيدة المخولة للعفو هو “ولي الأمر”، أي الملك، ويعتبر الديوان الملكي طريقة التواصل الوحيدة بين المواطنين والملك وولي عهده.

إضافة إلى عدم رصد أي عفو في هذه القضايا خلال السنوات الأخيرة، لا يوجد آلية واضحة لطلب العفو، والآلية الوحيدة المعروفة هي رفع طلب إلى الديوان الملكي. على الرغم من ذلك، تلقت المنظمة الأوروبية السعودية معلومات أكدت أن المباحث العامة استدعت أحد أفراد عائلة المحكومين بالإعدام في قضية سياسية، وحذرته من تقديم طلبات مشابهة للديوان الملكي مرة أخرى معتبرة أن ليس لدى العائلة الحق برفع طلب عفو إلى للديوان، وأن عليها تقديم لطلب فقط للمحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض التي أصدرت الحكم.

ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن حق المطالبة بالعفو هو حق أساسي لكل شخص يواجه حكماً نهائيا بالقتل، وفي القضايا التي لا ضحية فيها وتتعلق بتهم سياسية والحكم فيها مبني على تقدير القاضي، فإن الجهة المسؤولة بشكل مباشر عن التنفيذ أو العفو هو الملك وليس للمحكمة الذي يقتصر دورها على أصدار الحكم.

وترى المنظمة أن استخدام حق العفو الملكي المتاح هو سبيل واضح للتخفيف من أرقام القتل التي تتزايد والتي تتناقض مع الوعود الرسمية بتخفيف استخدام هذه العقوبة. وتشير المنظمة إلى أن وعود ولي العهد محمد بن سلمان المتكررة بوقف أحكام الإعدام في القضايا التي تسمح بها الشريعة الإسلامية، تمر بشكل أساسي باستخدام الملك للعفو كطريقة لوقف تنفيذ أحكام الإعدام التي تهدد حاليا 70 شخصا على الأقل لا يواجهون تهما من الأشد خطورة، وبينهم 8 قاصرين.

كما تشدد المنظمة أن حرمان الأفراد الذين يواجهون أحكاما تعزيرية من حقهم في طلب العفو، هو انتهاك للقوانين الدولية، كما أنه دليل واضح على إصرار السعودية على التوسع في الاستخدام التعسفي لعقوبة القتل.

AR