إستخدمت حكومة المملكة العربية السعودية قانون”مكافحة الإرهاب” والمحكمة “الجزائية المتخصصّة”، لمحاكمة المدافعة عن حقوق الإنسان نعيمة عبد الله المطرود، وأصدرت حكماً يقضي بسجنهالمدة ست سنوات تليها حظر سفر لمدة ست سنوات أخرى على خلفيةدورها السلمي في الدفاع حقوق الإنسان.
ونعيمة المطرود (43 عاما)هي من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد. أمضت السنوات الخمس الماضية في الدفاع الشجاع عن حقوق الذين عانوا من الانتهاكات من قبل السلطات في أعقاب احتجاجات عام 2011. في هذه الفترة، واصلت المطرود ممارسة وتعزيز الحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والتعبيرعن الرأي من خلال المشاركة في المظاهرات السلمية التي طالبت بالحقوق المدنية والسياسية والإفراج عن المعتقلين، وتوثيق الانتهاكات ضد المتظاهرين والمدافعين عن حقوق الإنسان عن طريق التدوين على شبكات التواصل الإجتماعي.
على الرغم من إدراكها للمخاطر التي تواجهها، انتقدت نعيمة المطرود القمع العنيف الذي تمارسه الحكومة ضد حركة الاحتجاج السلمي في السعودية، ودعمها للدول العربية الأخرى مثل البحرين، في جهودها الرامية إلى سحق المعارضة السلمية التي تطالب بالديمقراطية والحريات من قبل مواطنيها خلال “الربيع العربي”.
وكانت السلطات السعودية قد اعتقلت المطرود سابقاً في أكثر من مناسبة. ففي فبراير 2016، ألقي القبض عليها لمدة يومين بينما كانت في طريق عودتها من العمل. بعد شهرين، وفي أبريل 2016، تلقى شقيقها مكالمة هاتفية أخبروه خلالها بأن أخته مطلوبة من قبل المديرية العامة للتحقيقات في مدينة عنك في محافظة القطيف. وعلى الرغم من أن السلطات ذكرت أنها استدعت نعيمة للاستجواب الروتيني، إلا أنها احتجزتها إلى أجل غير مسمى، وأبقتها بمعزل عن العالم الخارجي لمدة أسبوعين.
على مدى أكثر من عام، انتهكت الحكومة السعودية قانون الإجراءات الجزائية السعودي من خلال حرمان المطرود من الحق في الاستعانة بمحام أو ممثل قانوني خلال التحقيق معها. وبعد أسبوعين من إعتقالها وإحتجازها بمعزل عن العالم الخارجي تمكنت عائلتها من زيارتها حيث لاحظت أن صحّتها قد تدهورت بشكل كبير بسبب مرض فقر الدم الذي تعاني منه، مما أدى أيضا إلى تدهور كبير في حاسة النظر لديها.
طالبت النّيابة العامة بسجن نعيمة المطرود لمدة 20 عاما، وفقا للمرسوم الملكي أ/44، الذي يتعلّق بجرائم الإرهاب وقانون مكافحته،كما طالبت النيابة العامة بالسجن لمدة خمس سنوات إضافية وبغرامة قدرها ثلاثة ملايين ريال سعودي (800،000 دولار)، وفقا للمادة 6 من قانون مكافحة جرائم الإنترنت، بالإضافة إلى منعها من السفر.
استمرت محاكمة المطرود في محكمة مكافحة الإرهاب السرية في الرياض، لمدّة سبعة أشهر. لم يُعرف العدد الإجمالي لجلسات المحكمة بسبب انعدام الشفافية في الإجراءات. وخلال جلسة المحاكمة الأولى التي عقدت في 10 أبريل 2017، لم تمنح المطرود الحق في الاستعانة بمحامكما ولم تحصل على حقها في تعيين محام في الوقت الكافي للرد على التهم الموجهة إليها إلا بعد طلبها.
إتسمت محاكمة المطرودبعيوب خطرة، حيث سعت النيابة العامة إلى تشويه نشاطها السلمي بسلسلة من الادعاءات الكاذبة والتهم الموجهة لها. وطبقا لوسائل الإعلام الرسمية، فقد استند الادعاء في قضيته على ردود نعيمة على الأسئلة التي وجهت لها خلال التحقيق على الرغم من حرمانها خلاله، من الحق في الحصول على محام على النحو المنصوص عليه في القانون السعودي والمعايير الدولية. اتهمت النيابة العامة المطرود بشكل مضلل بارتكاب جرائم مختلفة من خلال الاستشهاد بالمحتويات التي عثر عليها على جهازها المحمول، مثل صور احتجاجات سلمية تحمل لافتات تنتقد الحكومة السعودية، أو صور للمتظاهرين الذين قتلتهم الحكومة السعودية، ومقابلات بالفيديو مع أمهات أطفال معتقلين. إضافة إلى ذلك نشرت وسائل الإعلام الرسمية مقالات سلبية ضد نعيمة المطرود، عكست فيها آراء النيابة العامة، وإنتهكت حقها في افتراض البراءة والمحاكمة العادلة.
في 8 نوفمبر 2017 أكدت أحد المصادر المحلية بأنه قد صدر حكم ضد نعيمة المطرودمن قبل المخكمة الجزائية المتخصصة بموجب قانون مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله الذي صدر مؤخرا، والذي يتضمن تعريفات فضفاضة لمصطلح الإرهاب، والذي أستخدم في كثير من الحالات لتجريم نشاط المتظاهرين السلميين والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وفي بعض الحالات صدر ضدهم بموجب هذا القانون أحكام بالإعدام.
ونعيمة المطرود ليست أول ناشطة تتعرض للإضطهاد من قبل الحكومة السعودية بسبب دفاعها عن حقوق الإنسان حيث تم إعتقال ناشطات ومدافعات عن حقوق الإنسان. في ديسمبر 2015 تم إعتقال إسراء الغمغام بسبب نشاطها، كما أكدت عائلتها في وسائل التواصل الإجتماعي أنها حالتها الصحية والنفسية تدهورت في السجن. وبالمثل، لا زالت المدافعة عن حقوق الإنسان سمر بدوي، تتعرض للمضايقات من قبل الحكومة السعودية، حيث تم إستداؤها للتحقيق وإعتقالها ثم الإفراج عنها لاحقا أكثر من مرة بسبب نشاطها.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تؤكد أن محاكمة نعيمة المطرود لم تكن سوى “محاكمة شكلية” إفتقرت إلى المعايير الأساسية للمحاكمة العادلة. وترى المنظمة أن المدافعتين عن حقوق الإنسان نعيمة المطرود وإسراء الغمغام معتقلات رأي، كما تدعو الحكومة السعودية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنهما وعن كل المعتقلين بسبب نشاط سلمي أو التعبير عن الرأي.