أحد أوجه الخلل الواضحة في نظام العدالة السعودي، عدم توفيره الحماية للمدافعين عن حقوق الإنسان، وفق ما تدعو له المواثيق الدولية، أيضا بات واضحا أن نظام العدالة يستخدم لاستهداف المدافعين.
إن من عقبات إصلاح نظام العدالة عدم اعتراف المعنيين بذلك، بل أن جملة (قضائنا هو الأنزه عالميا) هي جملة كثير ما يتداولها المسؤولين المعنيين.
يعتبر عدم تحقيق السعودية في الانتهاكات الواقعة على المدافعين عن حقوق الإنسان، تغاض واضح، ويغذي بيئة يُنظر فيها لمزيد من الاعتداءات بعين التسامح. وعدم وضع حد للإفلات من العقاب لن يوفر ضمان لحماية المدافعين وسلامتهم.
بعض الأمثلة تؤكد هذه المنهجية، مثل:
المدافع عيسى النخيفي وضع في بداية اعتقاله الثالث في سبتمبر 2012 في العزل الانفرادي في زنزانة ذات برودة عالية، ولم يكن يرتدي سوى سروال قصير وقميص داخلي، أصيب بمتاعب صحية استدعت نقله للمستشفى، فيما لا تزال الآثار الصحية مستمرة.
تعرض المعتقل للمرة الثالثة في اعتقاله الأخير منذ ابريل 2014 المدافع وليد أبو الخير، إلى التسهير وتسليط الأضواء القوية والضرب على الظهر والجر من السجن بالسلاسل أدت إلى جروح، وإبعاده إلى سجن آخر يبعد عن مقر سكنه قرابة 1000 كلم ، كما تم حرمانه من ملابسه وأدويته لفترة.
تعرض المدافع فاضل المناسف في اعتقاله الثاني منذ أكتوبر 2011 لضرب من المحقق بواسطة الأيدي والأرجل وبخراطيم طفايات الحريق والفلكة و استخدام التعذيب بالكهرباء، وإيقافه مرات متكررة تمتد لأكثر من عشر ساعات ويديه في الأعلى وعينيه مغمضتان ومقيد.
تعرض المدافع الشيخ نمر النمر في اعتقاله الرابع في يوليو 2012 إلى درجة عالية للاستخدام المفرط للقوة، أطلق عليه النار وهشمت الرصاص عظام فخذه وأدخلته في غيبوبة، تم إبقاء الرصاص والجروح قرابة شهر دون علاج، مع تقييد يديه ورجليه على السرير لقرابة أكثر من شهرين. وتعذيبه بالإهمال الطبي. دون تعريضه للشمس في زنزانة مغلقة، مع معاناته جراء الرصاص والإهمال الطبي.
هذه الأمثلة على الجرائم المرتكبة يتم الإفلات من عقوبتها باستخدام أساليب، منها:
تجاهل القضاة للأقوال المنتزعة تحت التعذيب بنسبة كبيرة، ويصدرون عليها أحكاما، ومنها الحكم الصادر على فاضل المناسف بالسجن 14 عام.
محاباة شهود الإدعاء. وعدم مسائلتهم أمام المتهم.
لا يتم محاكمة المعذبين، أو من يستخدم القوة المفرطة، وتوفر لهم حصانة.
عدم وجود جدية في تطبيق المعاهدات الدولية التي انضمت لها السعودية ومنها: (اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة. 1997).
رغم ذلك، فإننا كمنظمات حقوقية سعودية متفائلين بالتوصيات والخطوات الذي اتخذها المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، السيد ميتشيل فورست، في تقريره الصادر في الخامس من أغسطس الماضي.
وقد قرر أن الحكومات هي المسؤولة في المقام الأول عن منع انتهاكات حقوق الإنسان والتهديدات والهجمات ضد المدافعين، كما أنها هي التي يقع على كاهلها مهمة مكافحة الإفلات من العقاب ومحاكمة المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان.
إننا نؤكد للأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية، إلى أن سياسية الإفلات من العقاب التي تنتهجها الحكومة السعودية، هي المسؤل الأول عن استفحال الأعمال الانتقامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، والمسؤولة عن استفحال بقية الانتهاكات… لذلك ينبغي النظر لمسألة حماية المدافعين عن حقوق الإنسان بأولوية.
ونطالب بمواصلة الدعم الدولي، آملين أن تأخذ الحكومة السعودية هذه المطالب بمحمل الجد، عدا ذلك فإن عضويتها ضمن 47 دولة في مجلس حقق الإنسان عضوية غير صادقة.
بقلم: علي الدبيسي
مقالات حقوقية
منهجية الإفلات من العقاب والتغاضي عن الاعتداءات المرتكبة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية
19 سبتمبر، 2014