
أكد مقرران خاصان تابعان للأمم المتحدة أن المملكة العربية السعودية تنتهك القانون الدولي في إصرارها على اعتبار تهم مثل المخدرات وتهم غير قاتلة أخرى ضمن الجرائم الأشد خطورة التي تصدر فيها أحكام بالقتل.
المقرر الخاص المعني بالإعدام موريس تيدبول بينز، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب أليس جيل إدواردز، فصلا في رسالة وصلت إلى الحكومة السعودية في 3 ديسمبر 2024، قضايا محكومين بالقتل في جرائم مخدرات في السعودية.
وشملت الرسالة قضايا كل من: إسلام محمد أحمد عبد العزيز السيد، أحمد علي يونس قيد، أحمد غريب سامي، سعيد سليمان صباح، رامي جمال شفيق النجار، أحمد زينهم محمد عمر، عبد الفتاح كمال عبد الفتاح، محمد كامل صلاح كامل، أشرف محمد عبيد، أسامة عبد الحميد محمد، عبد الرحيم إبراهيم، عمر أحمد إبراهيم الشريف، محمد أحمد سعد، إسام الشاطلي أحمد، سالم فرج العربي، عدنان الشريدة.
الرسالة أشارت إلى المعلومات التي تلقاها المقررون الخاصون حول قضايا أربعة وثلاثين (34) شخصًا محكومًا عليهم بالإعدام في سجون تبوك والجوف بسبب جرائم متعلقة بالمخدرات، وفقًا للمادة 37 (1) من قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، الذي يفرض عقوبة الإعدام على مجموعة واسعة من الجرائم بما في ذلك التهريب، واستلام المخدرات من مهربين، والترويج والمشاركة في مثل هذه الأفعال، من بين أمور أخرى.
حرامي جمال شفيق النجار وأحمد زينهم محمد عمر (سجن تبوك)
بحسب الملعومات التي نقلها المقرران، في 11 فبراير 2017، اعتقلت القوات الأمنية في السعودية النجار وعمر في محطة وقود الدريس بالرياض. كانا معًا في السيارة وقت الاعتقال، وكان النجار يقود السيارة وعمر في المقعد الأمامي. خلال المحاكمة، زعم شهود تابعون للدولة من إدارة مكافحة المخدراتأنهم شاهدوا عمر يخرج من السيارة ويتوجه إلى تاجر مخدرات مشتبه به لشراء مخدرات مهربة، يعتقد أنها أقراص ترامادول وأمفيتامينات، في حين حاول النجار الهروب. بعد تفتيش كلا الشخصين، لم تجد السلطات أيًا من المخدرات المشتبه بها. بناءً على ذلك، قامت السلطات بتفتيش منزل السيد النجار وعثروا على 8 جرامات من القنب. تم توجيه التهم إليهما بحيازة وتجارة نوعين من المخدرات. بالإضافة إلى ذلك، تم توجيه تهم للنجار بحيازة المخدرات بنية الاستخدام، ومحاولة الهروب من الاعتقال، ودهس سيارة رجال الشرطة أثناء الاعتقال.
عدنان الشريدة (سجن الجوف)
عدنان الشريدة هو مواطن أردني يبلغ من العمر 60 عامًا ويواجه إعدامًا وشيكًا بسبب جرائم متعلقة بالمخدرات في سجن الجوف. تم اعتقاله في 7 فبراير 2017، ووجهت إليه تهم متعلقة بالمخدرات وحكم عليه بالإعدام في 4 ديسمبر 2017. بعد الاستئناف، أكدت المحكمة العليا حكم الإعدام في 28 فبراير 2019. لقد تم سجن الشريدة لأكثر من سبع سنوات وهو يعاني من ضعف طبي شديد بعد خضوعه لعملية جراحية في القلب وسكتة قلبية أدت إلى شلل. حالته الصحية في تدهور شديد، بما في ذلك فقدان الوزن وضعف القدرة على الكلام وعلامات شديدة من الخرف. على الرغم من هذه الحالة، لا يبدو أن الشريدة يتلقى الرعاية الطبية في السجن.
الرسالة أشارت إلى أن السعودية أنهت في نوفمبر 2022 تعليقًا غير رسمي دام 11 شهرًا على عقوبة الإعدام في قضايا المخدرات، وحتى من 2 ديسمبر 2024، أفيد بأن السعودية قد نفذت 304 عمليات إعدام من بين هؤلاء، تم إعدام 104 (34%) بتهم متعلقة بالمخدرات، من بينهم 79 (76%) أجانب.
المقرران اعتبرا أن الأحكام بجرائم متعلقة بالمخدرات، تؤثر غالبًا على الأفراد الضعفاء من خلفيات فقيرة، الذين يتم تهريبهم أو إجبارهم أو تهديدهم أو خداعهم من قبل المنظمات الإجرامية للقيام بتهريب المخدرات. بالإضافة إلى ذلك، يتم تنفيذ الإعدامات دون إشعار للعائلات أو الممثلين القانونيين. بعد تنفيذ الإعدامات، لا يتم إبلاغ العائلات بمكان جثث أحبائهم، ويتم رفض طلباتهم بإعادة الجثث بشكل منهجي.
المقرران أبديا قلقهما الشديد على حياة المعتقلين المصريين المهددين بالقتل الوشيك، إلى جانب القلق من عدم توفير الرعاية الطبية لعدنان الشريدة. وأكدا أن الواجب في حماية حياة الأفراد المعتقلين يشمل توفير الرعاية الطبية اللازمة والمراقبة المنتظمة لحالتهم الصحية.
المقرران أوضحا أن “رفض إبلاغ الأشخاص المدانين وأسرهم بتاريخ ووقت الإعدام يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان. هذه الممارسات غير إنسانية ومهينة وتضر بالضمانات الإجرائية المحيطة بالحق في الحياة”، وأن “الأشخاص المدانون بالإعدام، وأسرهم، ومحاموهم يجب أن يحصلوا على معلومات موثوقة وفي الوقت المناسب حول الإجراءات وموعد الطعون، وطلبات العفو، والإعدامات”. إضافة إلى ذلك، أكدت الرسالة أن “الإعدامات السرية تنتهك حقوق المدانين وأسرهم في الاستعداد للموت، وأن السرية ورفض تسليم الجثث للعائلات هي جوانب قاسية خاصة لعقوبة الإعدام”.
وشدد المقرران على أن غياب الشفافية في تنفيذ عقوبة الإعدام ينتهك المادة 9 من ضمانات الأمم المتحدة لحماية حقوق الأشخاص الذين يواجهون عقوبة الإعدام، التي تنص على أنه “عندما يتم تطبيق عقوبة الإعدام، يجب أن يتم تنفيذها بحيث تسبب الحد الأدنى من المعاناة الممكنة”. هذه الضمانات، التي تم التأكيد عليها بالإجماع من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي، تشكل قانونًا دوليًا عُرفيًّا يجب على جميع الدول التي تطبق عقوبة الإعدام الالتزام بها.
الرسالة اعتبرت أن المعلومات التي وصلت تتعارض مع المواد 3 و5 و9 و10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بشأن الحق في الحياة، وحظر التعذيب، وحظر الاعتقال التعسفي، والحق في محاكمة عادلة، وأحكام اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، التي انضمت إليها السعودية في 1997، والمواد 5 و8 و13 و14 و16 و20 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان. وشددا على أن الحالات الفردية التي وصلتهما تؤدي افتراض تطبيق تمييزي لعقوبة الإعدام بسبب جرائم المخدرات على الأجانب.
المقرران أبديا قلقهما الشديد بشأن أرقام الإعدامات المرتفعة في 2024، وأسفا لرؤية فشل السعودية في تقليص نطاق عقوبة الإعدام، وخاصة وقف تنفيذ القرار الذي أعلنته هيئة حقوق الإنسان الرسمية في يناير 2021 بوقف الإعدامات في جرائم المخدرات.
الرسالة انتهت إلى طلب معلومات إضافية حول القضايا التي تم ذكرها، والضمانات القانونية والإجرائية التي تم توفيرها لهم، بما في ذلك حقوقهم في الوصول إلى محامٍ، والوصول إلى المساعدة القنصلية، وحقهم في أن يُفترض براءتهم، وحقهم في دفاع هادف.
كما طلبت الرسالة من السعودية تقديم معلومات مفصلة حول مدى توافق تنفيذ عقوبة الإعدام في قضايا المخدرات، وبالنظر إلى الانتهاكات المزعومة في المحاكمات، مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الضمانات الأممية لحماية حقوق الأشخاص الذين يواجهون عقوبة الإعدام.
تشير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، إلى أنه بعد وصول الرسالة إلى الحكومة السعودية بأيام، وفي 27 ديسمبر، توفي المعتقل الأردني عدنان الشرايدة في السجن بسبب وضعه الصحي، فيما حرمت العائلة من حقها في وداعه ودفنه.
وعلى الرغم من أن السعودية ردت على الرسالة، فإن استمرار تنفيذ عمليات الإعدام لتصل إلى 59 منذ بداية 2025، يظهر انعدام أي نية جدية للالتزام بالقوانين الدولية والامتثال للمطالب التي رفعها المقررون الخاصون حول عقوبة الإعدام عامة وفي جرائم المخدرات بشكل خاص.