نشرت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، تقريرا ختاميا تضمن ما توصلت إليه في أحدث إستعراض للمعلومات حول إمتثال المملكة العربية السعودية لإتفاقية مناهضة التعذيب. التقرير صدر في أعقاب تقييم للتعذيب في بعض الدول الأطراف في الإتفاقية، كجزء من الإستعراض الدوري الثاني في مايو 2016.
الإستعراض الذي أقيم في جنيف، حضره وفد رسمي سعودي كبير مكون من 36 شخص، إضافة إلى سبع من المنظمات الغير حكومية من بينها المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان.
وبعد النظر في تقرير الدولة الطرف، وتقارير المنظمات غير الحكومية السبع وتعليقات الوفد الرسمي، كشفت الملاحظات الختامية للجنة التعذيب، إستمرار المخاوف المقلقلة حول مدى إلتزام السعودية كدولة طرف في إتفاقية منع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللإنسانية والمهينة.
ومع إنضمامها في العام 1997 إلى إتفاقية مناهضة التعذيب، باتت السعودية ملزمة قانونا ببنودها، ما يعطي اللجنة سلطة لدراسة وتقديم التوصيات إليها. وعلى الرغم من الإلزام القانوني بتقديم تقرير كل أربع سنوات، تأخرت السعودية 10 سنوات في تقديمه.
الجزء الأول من التقرير، الذي أظهر الجوانب الإيجابية لتنفيذ الإتفافية، طغى عليه عدد من المخاوف الجدية التي تأتي ضمن الولاية القضائية للمعاهدة. ملاحظات اللجنة استندت إلى عدد من قضايا المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء، وأضافت جانبا إنسانيا لملاحظات اللجنة الختامية.
المخاوف رفعت عددا من التوصيات ومنها:
• القلق بشأن نقص وجود تعريف وتجريم للتعذيب، ما أدى إلى توصيات لتنقيح أحكام القانون المحلية، لتشمل تعريف للتعذيب وأحكام توضح طبيعتها. أبرز التوصيات سلطت الضوء على الحاجة إلى تحقيق عاجل ونزيه حول مزاعم التعذيب، بالتوازي مع مقاضاة المسؤولين عنه، وأشاروا بالتحديد إلى حالة وليد أبو الخير.
• القلق بشـأن العقاب البدني، دفع التوصيات إلى طلب وضع حد للجلد، وبتر الأعضاء، حيث أشير بالتحديد إلى قضية رائف بدوي.
• سلط التقرير الضوء على الضمانات القانونية الأساسية في قانون العام 2013 للإجراءات الجنائية، وخاصة فيما يتعلق بتقييد الوصول إلى محام، والأسرة، ما دفع التوصيات إلى مطالبة السلطات بمنح المعتقلين حقهم في الوصول الفوري إلى محام والتواصل مع أفراد الأسرة، كما تضمنت التوصيات ما يتعلق بالحق في فحص طبي مستقل، والحصول على مترجم، إضافة إلى ضمان الحق في المثول على وجه السرعة أمام قاض.
• وحول المخاوف التي تتعلق بإستقلال القضاء وقوانين مكافحة الإرهاب، والمحكمة الجزائية المتخصصة، دعت التوصيات لإعادة صياغة تعريف الإرهاب بطريقة ضيقة، لضمان عدم إستخدام هذه القوانين ضد المطالب غير العنفية، كما دعا إلى إعادة النظر في القوانين التي تسمح بالإحتجاز وتقييد الوصول إلى العالم الخارجي، ودعت التوصيات إلى إستقلال المحكمة عن وزارة الداخلية. المراجع الأساسية كانت قضايا كل من علاء برنجي، وعبد الكريم الخضر، فاضل المناسف، علي النمر، داوود المرهون، وعبد الله الزاهر.
• إستهداف مدافعي حقوق الإنسان والصحفيين، دفعت التوصيات إلى المطالبة بإقرار شرعية الإنتقاد السلمي، وبإعادة النظر في جميع حالات المعتقلين بسبب ذلك. وحددت التوصيات: عبد الكريم الخضر، عمر السعيد، رائف بدوي، عبد العزيز السنيدي.
• التقارير حول إجبار المتهمين إلى الإعتراف تحت التعذيب، جعلت التوصيات تؤكد على أن تكون هذه الإعترافات غير مقبولة كدليل.
• وحول المخاوف من الممارسات غير القانونية، التي قام بها جهاز المباحث، دفعت التوصيات إلى المزيد من الرصد، والشفافية والتقارير حول المحتجزين، فضلا عن ضمان هيئة رصد مستقلة تقوم بزيارات إلى مراكز احتجاز المباحث. وأكدت المخاوف بشأن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع دعوات للتأكد من أن الأحكام القانونية التي أدخلت حديثا، تقيد صلاحياتها بشكل جدي.
• أنظمة الاعتقال كانت مصدر قلق رئيسي، ولا سيما فيما يتعلق بظروف الاعتقال، مما دفع اللجنة إلى التوصية بمواصلة بذل الجهود لتخفيف الاكتظاظ، والتحسينات في خدمات الطعام والصرف الصحي والسجن. وأوصت اللجنة بتطبيق معايير الأمم المتحدة الدولية المتعلقة بمعاملة السجناء ليتم تطبيقها على جميع المعتقلين. كما سلط الضوء على عدم وجود مراقبة مستقلة لمرافق الاحتجاز، إلى جانب تقارير عن أماكن اعتقال سرية أيضا، مما يؤدي إلى توصيات لتعزيز استقلال هيئة التحقيق والادعاء.
• أدت المخاوف بشأن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى توصيات بأن تتطابق اللجنة مع مبادئ باريس، كما دعت إلى إنشاء آلية الشكاوى الفردية.
• تم تسليط الضوء على الفئات الضعيفة، لا سيما فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة، ومعاملة العمال المهاجرين والإتجار بالبشر. وعرضت عدة توصيات شملت ضمان حماية قانونية فعالة وأحكام قانونية ذات صلة لتجريم جميع أشكال العنف ضدهم.
• إرتفاع إستخدام عقوبة الإعدام، دفعت إلى توصيات بالتصديق على العهد الدولي وبيانات شفافة عن الذين أعدموا بما في ذلك طبيعة جرائمهم.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ترحب بالملاحظات الختامية للجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، وتدعو إلى الإستمرار بمراقبة مدى تطبيق الملاحظات الختامية من قبل المملكة العربية السعودية.