أصدرت اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD) التابعة للأمم المتحدةفي خلال دورتها العشرين المنعقدة في يوليو- سبتمبر من عام 2018، قراراً بشأن قضية المواطن السعودي منير آدم معتبرة فيه أن المملكة العربية السعودية منتهكة لالتزاماتها بموجب قانون حماية الأشخاص ذوي الإعاقة ودعتها إلى تزويد بسبل الانتصاف الفعالة، بما في ذلك التحقيق في ادعاءاته بالتعذيب. ترحب منظمتاأمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان(ESOHR)، بقرار اللجنة، وتدعمان استنتاجاتها التي تفيد بأنّ السعودية قد انتهكت التزامات المعاهدة وحقوق السيد آدم.
إنّ منير آدم مواطن سعودي تم اعتقاله في عام 2012 ومورس عليه التعذيب. ضربته قوات الأمن بشدة في خلال هذا التعذيب إلى أن أدى إلى فقدانه السمع بشكل دائم في إحدى الأذنين. أُدين منير، بعد احتجاز ما قبل المحاكمة الذي دام لأكثر من ثلاث سنوات منع في خلالها من تعيين محامي، وحُكم عليه بالإعدام في المحكمة الجزائية المتخصصة – نظام المحاكم المُستخدم لمقاضاة جرائم أمن الدولة – باستخدام الأقوال والاعترافات التي أُكره عليها من خلال التعذيب. من بين التهم الموجهة إليه “إرسال نصوص” والمشاركة في مظاهرات عام 2012 وممارسة “العنف”. لم تقدم أدلة ملموسة وإعتمدت على أدلة منتزعة تحت التعذيب. أٌيّد حكم الإعدام في الاستئناف في مايو عام 2017، وأكدته المحكمة العليا في 23 يوليو عام 2017. بالتالي، استنفد منير جميع سبل الانتصاف المحلية، وقد يتم إعدامه في أي لحظة.
عانى منير في طفولته من إصابة تسببت له في فقدان جزئي للسمع في أذنه اليمنى. اعتقلته قوات الأمن السعودية، في أبريل/ نيسان من عام 2012، ونقلته إلى مركز شرطة القطيف، حيث قام مسؤولو الأمن بتعذيبه. تعرض للتعذيب مرة أخرى بعد أسبوعين، وذلك في المديرية العامة للتحقيق في مدينة الدمام، وهو مركزاحتجاز تشرف عليه وزارة الداخلية- الجهة الحكومية التي كانت الأكثر مسؤولية عن انتهاكات حقوق الإنسان كالاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب، قبل أن يتم تأسيس جهاز أمن الدولة الذي بات مسؤولا بشكل أوسع عن هذه الإنتهاكات. وجه المعذبون، في هذه المرة، ركلات له على وجهه وجسده من دون توقف، مازاد من سوء إعاقته السمعية. فطالب بالعناية الطبية التي منعتها السلطات السعودية عنه لأكثر من أربعة أشهر. أكد طبيب في المستشفى العسكري، في أغسطس/ آب من عام 2012، فقدانه المتسارع للسمع وأبلغ إدارة السجن عن الضرورة القصوى لإجراء جراحة عاجلة. تجاهلت إدارة السجن هذه النصيحة، واستمرت في إهمال حالة منير لمدة ستة أشهر أخرى، ما أدى إلى فقدانه السمع في أذنه اليمنى بشكل كامل ودائم.
قدمت قضية منير إلى اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عام 2016، مشيرة إلىانتهاكات المواد 4 و15 و16 و25 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي تمنع التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة في النفاذ إلى العدالة، وكذلك التعذيب وسوء المعاملة، وتلزم الدول بمساعدة ضحايا العنف وتوفير الرعاية الصحية للأشخاص ذوي الإعاقة. رغم الفرص المتعددة والطلبات الواردة من اللجنة، كان الرد من جانب الحكومة السعودية هو الاعتراض على مقبولية الدعوى أمام اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. طلبت هيئة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، عندما تم إخطارها بتأكيد المحكمة العليا لحكم الإعدام، وقف تنفيذ إعدام السيد آدم بينما يتم النظر في قضيته.
توصلت اللجنة، في خلال دورتها العشرين في سبتمبر من عام 2018، إلى قرار في قضية منير، يؤكد أنّ السعودية قد أخفقت في الوفاء بإلتزامات المعاهدة بموجب المواد4 و13(1)و15 و16 و25 من الاتفاقية. تشير اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، في استنتاجها، إلى أنّ السعودية ملزمة بالتحقيق في تعذيب منير وتعويضه عن فقدان السمع في أذنه اليمنى. كما ذكرت اللجنة أن السعودية ملزمة بـ “إعادة النظر في إدانته وفق الضمانات المنصوص عليها في الاتفاقية، من خلال استبعاد الأدلة المنتزعة تحت التعذيب والتعليق الدائم للحبس الانفرادي والنفاذ الكامل لممثليه وتوفير تسهيلات إجرائية معدلة لضمان قدرة صاحب البلاغ على المشاركة بفعالية في الإجراء، وحصول صاحب البلاغ على الخدمات الصحية التي يحتاجها. “أشارت اللجنة أيضاً إلى التزامات السعودية بمنع الأعمال المماثلة في المستقبل من خلال حظر التعذيب في نظام العدالة والتحقيق في مزاعم التعذيب وضمان النفاذ الطبي أثناء الاحتجاز والنظر في إلغاء عقوبة الإعدام.
وقال حسين عبد الله ، المدير التنفيذي لـADHRB: “إنّ قرار اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة مهم، لأن قضية منير هي رمز لشواغل أوسع نطاقاً أثرناها منذ فترة طويلة، لا سيما التعذيب والمعاملة السيئة والمحاكمات الجائرة التي ارتكبتها السعودية منذ فترة طويلة ضد المحتجين،في حين أن منير آدم هو واحد من العديد من الأفراد الذين أدينوا على أساس اعترافات تعذيب ومحاكمات جائرة في المحكمة الجزائية المتخصصة، فإنّ قرار اللجنة يستدعي الانتباه إلى ازدراء السعودية للمعايير الدولية لحقوق الإنسان و وعدم الامتثال بمعايير هذه الهيئة على نطاق أوسع. يجب على السعودية اتخاذ خطوات ملموسة للوفاء بالتزاماتها لمنع هذه الانتهاكات من الحدوث مرة أخرى ضد الآخرين في الحجز.”
قال علي الدبيسي، مدير ESOHR: “نرحب بالقرار الصادر عن اللجنة الذي يؤكد ما عرفناه عن السعودية لسنوات عديدة بأنها تعذب الأفراد وتنتهك التزامات حقوق الإنسان بإدانة وإعدام الأفراد بسبب معتقداتهم السياسية. قضية منير هي رمز للإنتهاكات التي تحصل في السعودية وتؤكد عدم إلتزام السعودية بالمعاهدات أو البروتوكولات التي تصادق عليها، كما أن هذه القضية تذكر بأن في السجون معاقين لا تتوانى عن تنفيذ أحكام إعدام بحقهم”.
ترحب كل من ADHRB و ESOHR بقرار اللجنة، وتؤكدان أن الموقف الأمثل الذي يجب أن تتخذه الحكومة السعودية بحكم مصادقتها على البروتوكول هوالاستجابة لتوصيات اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، لا سيما في ما يتعلق بوقف تنفيذ حكم إعدام منير آدم وإلغاء إدانته والتحقيق في مزاعم التعذيب وضمان النفاذ إلى الرعاية الطبية لجميع الأفرادفي مرافق الاحتجاز.