فيما يحتفل العالم في 8 مارس 2018 باليوم الدولي للمرأة، تعاني المدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات في السعودية من مختلف أنواع القمع، عبر السجن والمنع من السفر وإلزامهن بالتوقيع على تعهدات والملاحقات الدائمة والترهيب المستمر. في ذات الوقت يمكن للمرأة في السعودية أن تتجنب هذا القمع، فيما لو قبلت بالأمر الواقع، وتخلت عن تطلعاتها في نيل حقوقها وكرامتها.
تحاول حكومة المملكة العربية السعودية جاهدة، لفت أنظار العالم إلى التغييرات التي قامت بها مؤخرا، وبينها التوقف عن حرمان المرأة من قيادة النساء للسيارة، والتوقف عن حرمانها من حضور المناسبات الرياضية، إلى جانب عدد من التغييرات في الأنظمة. تفاخر الحكومة بهذه التغييرات بوصفها حقوقاً منحتها هي للمرأة، بحسب ما تراه الحكومة وتنتقيه من قائمة حقوق المرأة المهدرة.
في الواقع وعلى النقيض من هذه المحاولات، لا زالت النساء في السعودية يخضعن لأنظمة تحرمهن من حقوقهن الأساسية، مثل نظام “ولي الأمر” الذي يمنح الرجل إمكانية التحكم بالمرأة والسيطرة عليها، على سبيل المثال التحكم بتنقلاتها أو عملها. وعلى الرغم من صدور أمر ملكي وجّه أصحاب العمل بعدم طلب موافقة ولي الأمر من أجل السماح للمرأة بالعمل، إلا أن الحكومة السعودية لم تتخذ أي إجراءات جادة من أجل سريان هذا الأمر بشكل فعلي، وهذا ما يعد مؤشرا على أن مجرد إصدار القانون من دون مجتمع مدني حر ومستقل قادر على ممارسة دوره دون قمع، لن يساعد على تحسين واقع حقوق المرأة وحمايتها من الإنتهاكات.
إضافة إلى ذلك، تقبع في المعتقل المدافعاتعن حقوق الإنسان إسراء الغمغام، و نعيمة المطرود التي حُكِمَت بالسجن 6 سنوات بموجب نظام مكافحة الإرهاب وذلك على خلفية نشاطها. ومؤخرا اعتقلت نهى البلوي وحكمت بالسجن 6 أشهر مع وقف تنفيذ خمسة أشهر وتم إطلاق سراحها بعد أن قضت في السجن شهرا،وذلك بسبب تعبيرها عن رأيها. إضافة إلى ذلك تستمر الحكومة بمضايقة وتهديد المدافعات عن حقوق الإنسان،مثل سمر بدوي التي تتعرض للمضايقات بشكل مستمر، والتي تقبع تحت المنع التعسفي من السفر. كما تتعرض المدافعة لجين الهذلول لمضايقات مستمرة، من ضمنها إعتقالها مرتين. وفي وقت سابق أجبرت الفتاة دينا علي على العودة إلى السعودية بعد محاولتها السفر طلبا للجوء بسبب رفضها لنظام الولاية. إضافة إلى ذلك لا زالت الحكومة السعودية تمنع الناشطات من تأسيس جمعيات أو منظمات، حيث تعرقل منذ بداية العام 2017 طلبا قدمته الناشطة نسيمة السادة لتأسيس جمعية تعنى بالدفاع عن حقوق النساء.
وعلى الرغم من إصدار الحكومة السعودية نظام الحماية من الإيذاء في 2013، إلا أنه لاتزال الحماية الفعلية للمرأة غير متحققة بعد، ولا زالت العديد منهن تتعرضن للعنف، وبينهن آمنة آل جعيد التي مازالت معتقلة في “دار الرعاية” بعد أن غادرت منزل ذويها بسبب تعرضها للعنف.
في اليوم الدولي للمرأة، تبدي المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تضامنها مع النساء المضطهدات في البلاد، وتحيي نضالهن وتطلعاتهن. كما يساورها القلق من أن تساهم حملات التلميع المستمرة التي تقوم بها الحكومة السعودية في أروقة المجتمع الدولي، في التعتيم على المعاناة الحقيقية التي تعايشها المرأة في السعودية، جراء إفتقارها للعديد من الحقوق.
إن أي ترويج تقوم به الحكومة السعودية لحقوق المرأة، لا يتضمن الإعتراف الكامل بحقوق المرأة وأهليتها والممارسة الفعلية لهذه الحقوق، من قبيل الحق في حرية التعبير، والحق في الحرية وعدم الإعتقال، والحق في تأسيس منظمات المجتمع المدني، والإنهاء التام لنظام ولي الأمر، يمكن إعتباره ترويجاً مفرغاً من معناه، ولا ينطوي على مصداقية.