على وقع الانتهاكات والتلاعب والغسيل: السعودية تترشح لعضوية مجلس حقوق الإنسان 

9 اغسطس، 2024

تترشح المملكة العربية السعودية لعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث تعقد انتخابات في أكتوبر 2024. والمجلس هو هيئة دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم، يتألف من 47 دولة عضو، تنتخبها الجمعية العامة للأمم المتحدة لمدة ثلاث سنوات. انتخابات الدول لعضوية المجلس تُجرى كل عام لشغل المقاعد التي تنتهي ولايتها. 

في 2020، فشلت السعودية في الحصول على عضوية المجلس (2021- 2023)، وذلك خلال الانتخابات التي جرت في قاعة الجمعية العامة في نيويورك في 13 أكتوبر 2020. وكانت السعودية قد رشحت نفسها عن مقعد مجموعة دول آسيا والمحيط الهادي الذي ضم أربعة مقاعد تنافست عليها 5 دول. وفيما كان من غير المستبعد فوزها بسبب محدودية المنافسة، إلا أنها فشلت حتى في الحصول على ثلثي الأصوات وهو الحد الأدنى اللازم للفوز.  

تترافق العضويّة في المجلس مع مسؤوليّة تعزيز معايير حقوق الإنسان السامية، وهو معيار أصرّت على اعتماده الدول نفسها عند إنشاء المجلس، كما وتقدم التزامات محددة بتحسين أوضاع حقوق الإنسان داخل حدودها وعلى الصعيد الدولي. 

من المفترض أن يؤخذ، عند الترشح والانتخاب، في الاعتبار أداء الدول المرشحة في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك تعاونها مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وسجلها في تعزيز وحماية حقوق الإنسان. 

تشير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن ترشح السعودية لعضوية المجلس يأتي في ظل تدهور مستمر في مجال حقوق الإنسان، وهو ما يجعل من مسؤولية الدول التي رفضت انتخاب السعودية في انتخابات 2020 بسبب سجلها السيء أن تكرر الموقف نفسه.  

الموقف من المعاهدات والآليات الدولية:  

من خلال الانضمام إلى المعاهدات الدولية، تتحمل الدول التزامات وواجبات بموجب القانون الدولي فيما يتعلق باحترام وحماية وتطبيق حقوق الإنسان. لم توافق وتصادق السعودية إلا عى 6 من 16 منها.  

وعلى الرغم ادعائاتها المتواصلة أمام مجلس حقوق الإنسان بأنها تتعاون بشكل تام مع الآليات، فإن عدم المصادقة على العديد من المعاهدات يظهر عكس ذلك. إضافة إلى ذلك، لطالما تجاهلت السعودية مسؤولياتها بموجب هذه المعاهدات حيث لم تكن تقدم التقارير الدورية ولا ترد على مسائلاتها.  

خلال السنوات الأخيرة، غيرت السعودية التعامل مع هذه الآليات، وباتت ترسل التقارير في مواعيدها، إلا أن تتبع المعلومات التي توردها يظهر تلاعبا مقصودا، وغسيلا لصورة الحكومة بدلا من تقديم معلومات واقعية. يأتي ذلك في ظل محاصرة إضافية للمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية ما يحد بشكل كبيرمن المعلومات من الداخل.  

المعاهدة حالة القبول 
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة  07 سبتمبر 2000  
اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة 24 يونيو 2008 
اتفاقية حقوق الطفل 26 يناير 1996 
اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة  23 سبتمبر 1997 
الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لم تقبل 
الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لم تقبل 
الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري 23 سبتمبر 1997 
البروتوكول الاختياري الأول للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية  لم تقبل 
البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام  لم تقبل 
البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة  لم تقبل 
البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إجراء تقديم البلاغات  لم تقبل 
البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة  لم تقبل 
البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية  لم تقبل 
البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية  24 يونيو 2008 
العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية  لم تقبل 
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية  لم تقبل 

المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني في الداخل:  

خلال السنوات الأخيرة تزايدت حدة الحملة على المجتمع المدني في السعودية، واستمرت الأحكام التعسفية بحق المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان بهدف فرض الصمت على أصواتهن من الداخل. وبحسب تتبع المنظمة يقبع عشرات النشطاء في السجون، فيما تفرض الحكومة حظر سفر على آخرين، في ظل تقلص كبير للحريات والحق في التعبير. يضاف ذلك إلى منع تأسيس وعمل المنظمات الحقوقية في الداخل وتجريم التواصل مع المنظمات الدولية وهيئات حقوق الإنسان بما في ذلك الآليات الدولية.  

بالتالي، تقلصت مصادر المعلومات من داخل السعودية إلى حدها الأدنى، ولم يعد هناك سوى هيئة حقوق الإنسان الرسمية فعالة على الأرض. تتبع مسار عمل الهيئة يؤكد انعدام استقلاليتها، واستغلالها من قبل الحكومة في غسيل صورتها أمام المجتمع الدولي حيث لعبت دورا بارزا في تضليله عن الواقع.  

الاستعراض الدوري الشامل:  

الاستعراض الدوري الشامل هو عملية تنطوي على استعراض سجلات حقوق الإنسان الخاصة بجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة مرة كل أربع سنوات. 

في 2024، خضعت السعودية لاستعراض وضعها الحقوقي أمام هذه الآلية. استغلت السعودية وفدها في جنيف وهيئة حقوق الإنسان الرسمية هذه الآلية أيضا لغسيل صورتها والترويج لإصلاحات جذرية ليس لها أسس في الواقع. لم يحضر أي ممثل للمجتمع المدني أو مدافع عن حقوق الإنسان من داخل السعودية جلسات الاستعراض المختلفة. إضافة إلى ذلك، تحدثت السعودية عن تطبيق توصيات خلال السنوات الأربع الأخيرة بينها ما يتعلق بعقوبة الإعدام والتعذيب وحقوق المرأة، إلا أن هذه التصريحات تتناقض مع حقيقة الانتهاكات التي تزايدت خلال تلك الفترة.  

التعاون مع المقررين الخاصين:  

مقررو الأمم المتحدة لحقوق الإنسان هم خبراء مستقلون يعينهم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للعمل على قضايا محددة ويقومون بمراقبة الأوضاع وتقديم التقارير والتوصيات حول مجموعة متنوعة من القضايا في مختلف أنحاء العالم.  

تدعي السعودية التعاون مع مكاتب المقررين الخاصين، ومؤخرا باتت تشارك في معظم الجلسات التحوارية وترد على الرسائل التي تردها منهم، إلا أن هذه الردود والنقاشات تستخدم أيضا لتحسين صورة الحكومة والتفاعل أمام المجلس ولم يكن لها تأثير واقعي. يظهر ذلك في عدم التعامل  بشكل جدي مع المعلومات التي تصل حول انتهاكات بحق أفراد في شكاوى فردية، وفي بعض القضايا تم تنفيذ أحكام قتل بحق أفراد أكد المقررون والفرق العاملة أنهم معتقلون تعسفيا.  

إضافة إلى ذلك، تتجاهل السعودية طلبات الزيارة التي يقدمها المقررون الخاصون، فمنذ العام 2006 لم تستقبل سوى 4 مقررين خاصين، فيما لم تسمح كما هو مفترض لهم بلقاء النشطاء أو المجتمع المدني أو الجهات المستقلة. 

المقرر الحالة تاريخ الزيارة أو التاريخ المقترح لها 
المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة   تمت الزيارة  من 20 أكتوبر 2002 إلى 27 أكتوبر 2002  
المقرر الخاص المعني بالاتجار بالبشر  تجاهل الفترة: 2005  
المقرر الخاص المعني بالعنف ضد المرأة  تمت الزيارة  من 4 فبراير 2008 إلى 13 فبراير 2008  
المقرر الخاص المعني بحرية التعبير  تجاهل  2016  
المقرر الخاص المعني بالفقر المدقع  تمت الزيارة  من 8 يناير 2017 إلى 19 يناير 2017  
المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب تمت الزياة  من 30 أبريل 2017 إلى 4 مايو 2017  
المقرر الخاص المعني بالإعاقة  تجاهل  2018  
الفريق العامل المعني بالتمييز ضد النساء والفتيات تجاهل  2019  
المقرر الخاص المعني بالمهاجرين تجاهل  2019  
المقرر الخاص المعني بالإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً تجاهل من 10 فبراير 2019 إلى 23 فبراير 2019  
المقرر الخاص المعني بالتعذيب تجاهل طلب وتذكير  النصف الأول من 2020  
الفريق العامل المعني بالأشخاص المنحدرين من أصل أفريقي تجاهل  2020  
المقرر الخاص المعني بحرية التجمع  رفع طلب واقتراح تواريخ  الفترة المقترحة: نوفمبر 2021  
المقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان  تجاهل طلب ثم تذكر  النصف الأول من 2022  
الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي  رفع طلب واقتراح تواريخ  سبتمبر 2022 – أكتوبر 2022  
المقرر الخاص المعني بالعبودية  تجاهل طلب ثم تذكير النصف الأول من 2024 
المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب  رفع طلب حاليا 2024 
الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري  رفع طلب حاليا 2025 
المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد  تجاهل طلب ثم تذكير  
الفريق العامل المعني بالمرتزقة   رفع طلب حاليا  

تشير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن دور أعضاء مجلس حقوق الإنسان يجب أن يكون التحقيق في قضايا انتهاكات حقوق الإنسان وتقديم توصيات لمعالجتها، وتطوير معايير وسياسات دولية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان. 

وتشدد المنظمة على أن السعودية حتى اليوم وعلى الرغم من كل ادعاءاتها لم تنضم إلى المعاهدات الدولية الرئيسية والعهدين الدوليين، ولا زالت تتملص من تعهداتها بالتلاعب وبالتالي ليست جديرة بأن يتم انتخابها من قبل الدول الأعضاء.  

AR