في 23 أبريل 2020، تحلّ الذكرى السنوية الأولى للمجزرة الجماعية التي نفذتها المملكة العربية السعودية بإعدام 37 شخصا.
الإعدام الجماعي الذي طال سجناء، تم إعتبار بعض أنشطتهم المشروعة كالمشاركة في المظاهرات والمطالبة بالحقوق، بمثابة جرائم، أظهر الوجه الكاذب والمخادع لكافة الوعود الرسمية السعودية بتحقيق إصلاحات في مجال حقوق الإنسان، أو تخفيف أحكام الإعدام، لاسيما الوعد الذي أطلقه ولي العهد بتقليل الإعدامات إلى حدود دنيا.
المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، كانت قد وثقت انتهاكات بحق عدد من ضحايا المجزرة، بدأ من لحظة الاعتقال التعسفي، مرورا بالتعذيب وسوء المعاملة خلال التحقيق، وصولا إلى محاكمات لاتفي بالحد الأدنى من شروط العدالة، وحرمان من الإستعانة بمحام في مراحل التحقيق، وإصدار أحكام إعدام تعسفية وتنفيذها بشكل سري.
أحمد حسن آل ربيع، أحمد حسين العرادي، أحمد فيصل آل درويش، جابر زهير المرهون، حسين حسن آل ربيع، حسين محمد آل مسلم، حيدر محمد آل ليف، سعيد محمدد السكافي، سلمان أمين آل قريش، عبدالعزيز حسن آل سهوي، عبدالكريم محمد الحواج، عبدالله سلمان آل اسريح، عبدالله عادل العوجان، عبدالله هاني آل طريف، فاضل حسن لباد، مجتبى نادر السويكت، محمد سعيد آل خاتم، محمد منصور آل ناصر، مصطفى أحمد درويش، منتظر علي السبيتي، منير عبدالله آل آدم، هادي يوسف آل هزيم.
22 شابا كانوا من بين من أعدموا في المجزرة. توثيق المنظمة الأوروبية السعودية بين أن من بين تهمهم، كان هناك تجريم لممارسات مشروعة، كالمشاركة في مظاهرات وترديد هتافات مناوئة للحكومة، كما وجدت تهم أخرى جنائية أو تهم بالعنف، ولكن جميعهم خضعوا لنظام قضائي معيب وغير مستقل، يبتعد بشكل كبير عن شروط المحاكمات العادلة، هذا فضلاً عن إجبارهم على التوقيع عليها تحت وقع التعذيب.
وكان من بين هؤلاء الشبان، ستة قاصرين، توزعوا بين من كان قاصراً وقت الإعتقال، أو كانت تهمه المزعومة تعود لعمر ما قبل بلوغه 18 عاما: عبد الكريم الحواج، سعيد السكافي، سلمان آل قريش، مجتبى السويكت، مصطفى آل درويش، عبد العزيز سهوي، تعرضوا جميعهم لانتهاكات عديدة من بينها التعذيب وسوء المعاملة.
إلى جانب الشبان، كان هناك 11 مواطنا اتهمتهم الحكومة السعودية بالتجسس لصالح إيران: حسين الحميدي، حسين قاسم العبود، سالم عبد الله الحربي، طالب مسلم الحربي، طاهر مسلم الحربي، عباس حجي الحسن، علي حسن العاشور، علي حسين المهناء، محمد حسين العاشور، محمد عبد الغني عطية، يوسف العمري. وثقت المنظمة الأوروبية السعودية في عدة تقارير، افتقار محاكماتهم لشروط العدالة، وتعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة وحرمانهم من الحق في الدفاع عن أنفسهم في المراحل السابقة عن المحاكمة، كما أنهم لم يمنحوا التسهيلات اللازمة للإستفادة من المحامين بعد بدء المحاكمة، كما تم إستهداف السيد طه الحاجي الذي كان أحد المحامين، واضطر للهجرة من البلاد تجنباً للاعتقال. وعلى الرغم من أن جرائمهم ليست من الأشد خطورة في القانون الدولي، وبعضهم لم تتضمن تهمه علاقة بالتجسس، وكثير من تهمهم كذلك كانت في الأصل حقوقا مشروعة وليست أفعالاً مجرمة، إلا أنهم أعدموا.
لم تتمكن المنظمة الأوروبية السعودية من توثيق بعض قضايا من أعدم في أبريل 2019، وقد كان من بينهم خالد حمود جوير الفراج، الذي عرض له إعلام السعودية في وقت سابق مقابلة. لا يمكن الوثوق في المسار الذي تتخذه المحاكمات في السعودية وافتقاد النظام القضائي لصفات العدالة، وفي ظل غياب محاسبة فعلية للمنتهكين، تتزايد الشكوك من إمكانية الحصول على محاكمة عادلة لأي متهم.
لم تنته معاناة أسر الضحايا عند إعدامهم. فبعد أن اعتقلتهم الحكومة تعسفاً وعذبتهم واخضعتهم لمحاكمات جائرة، وأخيرا أعدمتهم، أضافت الحكومة إهانة أخرى إلى الضحايا بحرمانهم من الحق في أن تدفنهم عائلاتهم. لم تعد الحكومة حتى الآن جثة واحدة لضحية من ضحايا مذبحة أبريل. حرموا من حقهم في دفنهم بشكل سليم، وحرمت عائلاتهم من حقوقهم الخاصة في الحزن والوداع.
عام على المجزرة، ولاتزال العدالة مُقصاة، ومعاناة ذوي الضحايا التي بدأت منذ الاعتقال مستمرة لما بعد الإعدام. وفيما ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن العلاج في هذه المرحلة متعذر، حيث يبقى الاعدام عقوبة لايمكن تصحيحها، فإنها تؤكد على أهمية السعي للوصول إلى:
1) إعادة جثث المقتولين إلى أسرهم، ليتمكنوا من ممارسة حقهم في دفن أحبائهم.
2) التحقيق في الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الأمن السعودية ضد ضحايا المجزرة، بما في ذلك مزاعم موثقة بالتعذيب وسوء المعاملة.
3) إلغاء أي أحكام جديدة يتبين أنها صدرت بعد محاكمات جائرة.
4) محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والمحاكمات الجائرة، وتقديمهم إلى العدالة.
إن المؤسف أيضاً في هذه الذكرى، أن شهية السعودية للإعدامات لاتزال في أوجها، فبعد بلوغها رقماً قياسيا في 2019 بواقع 185 إعداما، يوجد حاليا بحسب آخر تحديث للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 52 معتقلاً يواجهون عقوبة الإعدام في السعودية في مراحل مختلفة من التقاضي بما في ذلك 13 قاصرًا، يخضعون لمحاكمات جائرة وتقع عليهم إنتهاكات متعددة فضلاً عن تعرض كثير منهم لجريمة التعذيب على يدي الأجهزة الرسمية بهدف الإكراه على أقوال محددة، في ظل تواطؤ من القضاء لعدم إنصافهم.