بعد 14 شهرا على إعلان هيئة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية عن أمر ملكي ينهي كافة أحكام الإعدام بحق القاصرين، وفي 15 يونيو 2021، أعدمت السعودية القاصر مصطفى آل درويش.
إعدام آل درويش نسف الوعود المتتالية التي كانت السعودية قد قدمتها، وكذّب الترويج لقانون الأحداث والأمر الملكي وغيرها، وبالتالي أكد مضي السعودية في تنفيذ وإصدار أحكام الإعدام تعزيرا بحق القاصرين وانتهاكها للقوانين المحلية والدولية.
تنفيذ حكم القتل تعزيرا بحق مصطفى آل درويش، انتهك قانون الأحداث الذي صدر عام 2018، ونص على أنه “إذا كان الحدث ما بين الـ15 والـ18 من العمر، ارتكب جريمة يعاقب عليها بالقتل، فيكتفى بإيداعه في دار مخصصة للأحداث مدة لا تتجاوز عشر سنوات”.
إضافة إلى ذلك انتهك الإعدام الأمر الملكي الذي أعلنت عنه هيئة حقوق الإنسان الرسمية في أبريل 2020 وأمر بإيقاف “تنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة بعقوبة القتل (الإعدام) تعزيراً على الأحداث، والذي يشمل جميع الأشخاص الذين لم يتموا سن (الثامنة عشرة) وقت ارتكابهم الجريمة، بمن فيهم المحكوم عليهم بالقتل (الإعدام) في الجرائم الإرهابية”.
إضافة إلى القوانين المحلية، انتهك إعدام آل درويش اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة التي صادقت عليها السعودية عام 1997 والتي تنص المادة 15 فيها على أنه: تضمن كل دولة طرف عدم الإستشهاد بأية أقوال يثبت أنه تم الإدلاء بها نتيجة للتعذيب كدليل في أية إجراءات.” كما انتهك الإعدام اتفافية حقوق الطفل التي انضمت إليها السعودية عام 1995.
إضافة إلى ذلك، تجاهلت السعودية في تنفيذها حكم الإعدام رسالة وجهت لها من مقررين خاصين تابعين للأمم المتحدة سبقت التنفيذ بأسابيع قليلة، أشارت إلى الانتهاكات التي انطوت عليها القضية، بما في ذلك التعذيب.
لاحقا ادعت الحكومة السعودية أن مصطفى لم يكن قاصرا وقت حصول التهم التي وجهت له، وذلك على الرغم من أن الوقائع والأوراق الرسمية تؤكد ذلك. بيّن الرد السعودي على انتقادات المجتمع الدولي أن الحكومة السعودية يمكنها التلاعب في الأعمار والاتهامات وتستخدمها وسيلة تحايل للمضي في إعدام القاصرين تعزيرا، إلى جانب أساليب أخرى.
في ظل ترقب خطوات الحكومة السعودية فيما يتعلق بالإعدام وخاصة الذي يطال القاصرين، شكل إعدام مصطفى آل درويش منعطفا خطيرا حيث أكد استمرار تهديد حياة قاصرين آخرين.
تتابع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان قضايا 5 قاصرين يواجهون عقوبة الإعدام حاليا، ولكن انعدام الشفافية في تعامل الحكومة السعودية في ملف الإعدام، يشير إلى إمكانية كون قاصرين آخرين يواجهون نفس العقوبة من دون التمكن من متابعة قضاياهم:
ولد في (19 أبريل 1997) في القطيف. في 28 نوفمبر 2017، داهمت قوات الأمن السعودية منزل عائلته مستخدمة العنف. اعتقل حسن الفرج واثنان من أشقائه خلال المداهمة بعد تعرضهم للضرب المبرح. تم الإفراج عن أشقائه دون توجيه تهم إليهم ودون التحقيق في التعذيب الذي تعرضوا له.
تعرض الفرج لتعذيب شديد منذ لحظة اعتقاله، من بين ذلك الضرب والصعق بالصدمات الكهربائية، مما أدى إلى نقله إلى المستشفى عدة مرات.
بناء على إقرارات منتزعة تحت التعذيب، طالبت النيابة العامة الإعدام تعزيرا للفرج بعدة تهم بينها المشاركة في مظاهرات، والانضمام إلى تنظيم إرهابي مسلح وتقديم الدعم، وإيواء مطلوبين ومساعدة الجرحى، والانضمام إلى مجموعات عبر تطبيقات الهاتف، وتخزين أسلحة في منزله.
من بين التهم التي وجهت إلى الفرج ما حصل حين كان يبلغ من العمر 14 عاما.
ولد في 3 أبريل 1995، واعتقل في 23 فبراير 2017، بعد أن داهمت قوات الأمن منزل عائلته في بلدة العوامية. لم تقدم الجهة التي نفذت المداهمة مذكرة توقيف. تعرض جلال لباد لظروف اعتقال مروعة منذ اليوم الأول، بما في ذلك عزله في زنزانة انفرادية لمدة تسعة أشهر ونصف الشهر.
وجهت النيابة العامة ضده مجموعة من التهم، منها المشاركة في مظاهرات وهو في الخامسة عشرة من عمره، وحضور جنازات الضحايا برصاص القوات الحكومية. كما وجهت إليه النيابة العامة تهمة المساعدة في علاج وإيواء عدد من المطلوبين لدى الأجهزة الأمنية ، في قضية قاضي محكمة الأوقاف والمواريث الشيخ محمد العبد الله الجيراني الذي اختطف وقتل. وفي القضية الأخيرة، لم يحدد المدعي العام دور جلال في هذه القضية. بناء على إقرارات منتزعة تحت التعذيب، تطالب النيابة بالإعدام تعزيرا بحق جلال.
ولد في 26 أكتوبر 1997 واعتقل في 30 أغسطس2017. يواجه عدة تهم منها المشاركة في المظاهرات وترديد الشعارات والدعوة للمشاركة في المظاهرات وإطلاق النار على رجال الأمن والتخطيط لاستهداف الحكومة وإقامة علاقات مع المطلوبين.
ومن بين التهم المشاركة في تظاهرات عامي 2013 و 2014 حيث كان سجاد الياسين يبلغ من العمر 16 عامًا.
ورغم أن التهم ليست من الأشد خطورة، وعلى الرغم من كونه كان قاصرا وقت بعض التهم، تطالب النيابة العامة له بالإعدام تعزيرا.
يوسف محمد المناسف:
ولد في 8 سبتمبر 1996 واعتقل في 16 أبريل 2017، حدثت بعض التهم التي يواجهها عندما كان قاصرًا.
وبحسب قائمة التهم، واجه يوسف عدة تهم منها المشاركة في مظاهرات وتجمعات وجنازات، والانضمام إلى تنظيم إرهابي، والمشاركة في إطلاق نار، وإلقاء قنابل مولوتوف ، وترويج المخدرات. ومن بين التهم الموجهة إليه ، بحسب النيابة العامة ، مشاركته في جنازة عام 1432 عندما كان يبلغ من العمر 16 عامًا. تعرض للتعذيب بهدف انتزاع اعترافات منه وأكد ذلك أمام القاضي ولكن لم يتم التحقيق في هذه المزاعم. لم يحصل على محام إلا بعد بدء المحاكمة. على الرغم من هذه الانتهاكات ومن كون الجرائم ليست من الأشد خطورة تطالب النيابة العامة له بالقتل تعزيرا.
اعتقل في مايو 2017 حين كان يبلغ من العمر 14 عاما. تعرض لانتهاكات عديدة بينها التعذيب الشديد بهدف انتزاع اعترافات. وجهت له تهمة السطو المسلح والقتل. حكم عليه بالقتل حدا وبعد نقض المحكمة العليا للحكم بسبب الشوائب في المحاكمة، حكم عليه مجددا بالقتل قصاصا من دون التحقيق في مزاعم التعذيب التي تعرض له.
تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن إعدام السعودية لمصطفى آل درويش أظهر إصرار السعودية على المضي في إعدام القاصرين بمن فيهم من يواجه أحكاما تعزيرية، على نقيض التصريحات الرسمية. وتشير المنظمة إلى أن الخطوات اللاحقة التي اتخذتها السعودية، بما في ذلك، وقف المطالبة بالإعدام في قضية القاصر محمد عصام الفرج، أو إعادة محاكمة علي النمر وداوود المرهون وعبد الله الزاهر، تبدو على أنها استخدام دعائي لملف حقوق الإنسان وإعدام القاصرين، فيما لا زالت الممارسة السائدة تخالف ذلك.
وترى المنظمة الأوروبية السعودية أن احتجاز جثمان مصطفى آل دوريش إلى جانب جثامين أخرى، يشير إلى أن الدموية والقسوة وتعمد الحكومة قهر عوائلهم بالتجبر والعناد لا زالت الصفات الأبرز في تعامل الحكومة السعودية مع ملف الإعدام.