على وقع العملية العسكرية التي تقوم بها المملكة العربية السعودية في مدينة العوامية منذ 10 مايو 2017، أصدر عدد من خبراء الأمم المتحدة بيانا طالبوا فيه بوقف هدم حي المسورة التراثي الذي يقدر عمره بأكثر من 400 عام، وإعادة توطين السكان المحليين.
البيان الذي وقع عليه كلا من المقررة الخاصة بالحقوق الثقافية كريمة بنون، والمقررة الخاصة بالحق في السكن الائق ليلاني فرحة، والمقرر الخاص بالفقر المدقع وحقوق الإنسان فيليب ألستون، أنتقد مضي الحكومة في عملية الهدم على الرغم من المخاوف والتساؤلات التي أثاروها ومطالبتهم بتفسيرات.
ولقد أكدت المقررة الخاصة بالحقوق الثقافية “كريمة بنون” أن إستخدام القوات العسكرية السعودية بمختلف الأسلحة، عرضت المباني التاريخية للأحتراق والتدمير، مما أجبر السكان على الخروج من ديارهم ومن الحي، فرارا من أجل حياتهم، وأضافت أن “هذه التدميرات تمحو آثار هذا التراث الثقافي التاريخي والمعيشي وتشكل انتهاكا واضحا لالتزامات السعودية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان”.
وأشارت المقررة الخاصة المعنية بالحق في السكن اللائق، ليلاني فرحة، من أن ما يحدث في المسورة يشكل إخلاء قسريا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وقالت: لقد نزح السكان، واضطر الكثيرون إلى الأنتقال إلى مدن وقرى أخرى، وبعضهم يعيشون مع أقاربهم، وفقد الكثيرون منازلهم وممتلكاتهم الخاصة، ومصدر رزقهم ايضا.
من جهته أعرب المقرر الخاص بالفقر المدقع وحقوق الإنسان فيليب ألستون عن مخاوفه بشأن حدوث انقطاع إضافي في الطاقة. وقال أن المؤسسات العامة والخاصة، مثل المدارس والمحلات التجارية والمراكز الصحية مشلولة، ويبدو أن الحي بأكمله محاصر”. منذ 18 أيار / مايو وتعليق العديد من الخدمات في مناطق واسعة من مدينة العوامية.
المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أصدرت تقارير سابقة سلطت فيها الضوء على الممارسات التعسفية والجائرة التي تقوم بها الحكومة السعودية في مدينة العوامية، والحي التاريخي فيها، والتي أدت إلى تشريد ما لا يقل عن خمسة آلاف من أصل 30 ألف بحسب تقديرات بعض السكان المحليين، والعدد في إزدياد جراء توسع القوات العسكرية من عملياتها في كافة أرجاء العوامية، واستعمالها للقوة المفرطة فيها، إضافة إلى مقتل وإصابة قرابة عشرين على الأقل من السكان والمقيمين، وتدمير وحرق متعمد لممتلكات الخاصة، وإغلاق المراكز الصحية، ومركز الإطفاء.
إن المنظمة ترى أن بيان المقررين الخاصين كرس السعودية كدولة تنتهك القوانين الدولية وتتجاهل القرارات الأممية وآليات مجلس حقوق الإنسان على الرغم من كونها عضوا فيه، وخلافا لما تدعيه في المحافل الدولية من إلتزامها بآليات الأمم المتحدة.
وتشير المنظمة، إلى أن ما أثاره المقررون الخاصون حول عدم رد الحكومة السعودية على الرسائل السابقة، التي تتعلق بحي المسورة، وقميته التاريخية والثقافية، وتجاهلها للبيانات الإعلامية التي تحدثت عن عمليات الإخلاء القسري، والإكتفاء بالمزيد من العنف في حي المسورة، وفي مناطق واسعة من مدينة العوامية، يؤكد على أهمية إعادة النظر بالمراكز التي تبوأتها السعودية في المجالس الأممية، وخاصة عضويتها أربع مرات في مجلس حقوق الإنسان.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تشدد على أهمية إلتزام الحكومة السعودية بطلبات المقررين الخاصين، ووقف عملية الهدم التي يتعرض لها حي المسورة، كونها حقا ثقافيا للسكان في المقام الأول، والحفاظ على ما تبقى منه، وإعادة توطين السكان المحليين في مدينتهم التاريخية، وتعويضهم عن الدمار والخراب الذي أحدثته.