أصدر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال زيارته إلى باكستان في 18 فبراير 2019، أمراً بالإفراج عن 2107 سجناء باكستانيين في بلاده بشكل فوري. وقال وزير الإعلام الباكستاني فؤاد شودري أن بن سلمان أفرج عن السجناء الباكستانيين بناء على طلب من رئيس الوزراء عمران خان، كما قال وزير الخارجية شاه محمود قريشي إنه سيتم أيضاً مراجعة الحالات المتبقية من السجناء الباكستانيين.
قرار ولي العهد السعودي أتى بعد يوم من طلب رئيس الوزراء الباكستاني من بن سلمان مراعاة 2.5 مليون باكستاني، معظمهم في السعودية بغرض العمل، بينهم 3000 معتقل، وذلك خلال إجتماععلني.
تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان الحاجة الماسة لإتخاذ العديد من الخطوات الإصلاحية في ملف السجون الجنائية أو السياسية، كالإفراج عمن إنتهت مدة سجنهم أو من سجن بطرق تعسفية أو قضايا لاتستحق العقاب بالسجن، أو تحسين الظروف الصحية. إن قرار بن سلمان يؤكد خمسة حقائق مهمة:
أولاً: كشف هذا القرار الصلاحيّات الواسعة التي يتمتع بها ولي العهد، وهيمنته المطلقة على كافة مؤسسات البلاد.
ثانياً: أظهر القرار هامشية المؤسسة القضائية في السعودية، وخضوعها الكامل لقرار المسؤولين السعوديين، وهيمنة أصحاب القرار السياسي عليها، رغماً عن المزاعم المتكررة للسعودية بإستقلالية القضاء.
ثالثاً: إن مايقوله المسؤولين السعوديين من عدم إمكانيتهم الإفراج عن المعتقلين على خلفية حرية التعبير لكونهم يخضعون إلى محاكمات، أو لأن الإفراج عنهم من إختصاص وصلاحيات القضاء، مجرد تضليل وتملص من الضغوط.
رابعاً: إمتلاك ولي العهد لصلاحيات بهذه الصورة، يحمله وبشكل مباشر مسؤولية الانتهاكات الفظيعة التي تحدث في السجون للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، والتعذيب الوحشي الممنهج الذي يتعرضون له، والتحرش الجنسي بحق المعتقلات. كما يتحمل قبل كل ذلك المسؤولية عن تزايد أعداد المعتقلين في عهده.
خامساً: يلفت هذا القرار إلى أهمية توجيه جميع الضغوط الإعلامية والدبلوماسية والحقوقية، في ملف الإعتقالات التعسفية وجرائم التعذيب والأحكام الجائرة، إلى محمد بن سلمان، وإن بقية الأجهزة كالقضاء والنيابة، والشخصيات النافذة، لا قيمة لقراراتها أو تحركاتها أمام ولي العهد.
إضافة إلى الحقائق والتوجهات التي قدمهاالقرار، فإنه يذكر بإعدامات طالت 224 باكستانياً خلال آخر 15 عاما، حكموا بالقتل من قضاء غير مستقل، لايوفر -حتى اليوم- شروط العدالة للمحاكمات. كما إن القرار يؤكد على ضرورة فتح ملفات جميع الباكستانيين الذين يواجهون حكم الإعدام حاليا. ويمثل الباكستانيين النسبة الأكبر من الأجانب اللذين يتم إعدامهم في السنوات الأخيرة.
إلى جانب ذلك، تبين هذه الخطوة أهمية إعادة النظر في ظروف السجون السياسية والجنائية في السعودية، حيث تشير التقارير إلى الظروف الصعبة التي يعايشها المعتقلون سواء المواطنون أو الأجانب.وقد كان وزير الإدارة والتنمية المحلية السابق في إقليم خيبر بختونخوا الباكستاني عنايت الله خان، قد أشار في نوفمبر 2018، إلى أنه يُزجّ بالباكستانيين في السجن بسبب جرائم صغيرة.
وفي وقت أصدر بن سلمان هذا القرار، يستمر بتجاهل المناشدات الدولية المتتالية التي طالبت بدخول مراقبين إلى السجون وتتبع حالات مدافعات عن حقوق الإنسان، أكدت المعلومات وأسرهن تعرضهن للتعذيب، كما يستمر بتكديس المعتقلين والمعتقلات السياسيين، مغلقاً أي مؤشرات لإحترام حقوق الإنسان في البلاد، كذلك لايزال يتجاهل طلبات عديدة للمقررين الخاصين في الأمم المتحدة، كانوا قد تقدموا بها لزيارة البلاد.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن الخطوة التي إتخذها ولي العهد خلال زيارته إلى باكستان شرّعت أبواباً جديدة لمسائلة السعودية حول إلتزاماتها الدولية فيما يتعلّق بظروف السجون وأوضاع العمال الأجانب والإعتقالات التعفسية والسياسية. كما أن هذه الخطوة أظهرت صلاحياته وهيمنته المطلقة على كافة المؤسسة في البلاد، وبالتالي تأكيد دوره في الإعتقالات التعسفية للمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، وعن جميع الإنتهاكات والجرائم الجارية في السجون، وتزايد أحكام الإعدام على خلفية تهم تتعلق بحرية التعبير.