شكّل الربع الأول من العام 2019، بداية دمويّة له في المملكة العربية السعودية. فمنذ بداية العام 2019 حتى نهاية شهر مارس، نفذت السعودية 49 حكم إعدام، في إرتفاع بلغ 20% عن العام 2018، الذي شهد الربع الأول منه تنفيذ 39 حكم إعدام.
الإرتفاع في نسبة تنفيذ أحكام الإعدام يأتي في ظل ترقب تغييرات منذ وعود ولي العهد محمد بن سلمان في أبريل 2018، بالعمل على تقليص أحكام الإعدام إلى الحد الأدنى الممكن، وهذا ما يدلل على التضليل الذي مارسه ولي العهد خلال 12 شهرا.
إلى جانب إرتفاع نسبة تنفيذ أحكام الإعدم، فإن أكثر من 50% من أحكام الإعدام التي تم تنفيذها منذ بداية العام، كانت على جرائم ليست من أشد خطورة في القانون الدولي وهي تتعلق بالمخدرات. وكانت 39% من الإعدامات التي نفذت في السعودية خلال العام 2018 تتعلّق بجرائم المخدرات، وذلك على الرغم من تأكيد المسؤولين السعوديين المتكرر عدم تنفيذ السعودية لعقوبة الإعدام إلا على الجرائم الأشد خطورة.
وعلى الرغم من المخاوف من الإنتهاكات التي يتعرض لها المقيمون في السعودية من جنسيات أجنبية خلال فترات محاكماتهم، كالحرمان من التواصل مع القنصليات أو الحصول على مترجمين، بقيت النسبة الأعلى من المنفذ بهم أحكام إعدام هي لمقيمين. فخلال الربع الأول من العام 2019 شكل الأفراد من جنسيات غير سعودية 67% من الأحكام المنفذة، وهي: الباكستانية (10)، المصرية (4)، الهندية(2)، التشادية (3)، اليمنية (8)، الفليبينية (1)، الصومالية(1)، السورية(2)، الأردنية(2). وكانت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان قد وثقت شوائب إعترت تنفيذ حكم إعدام جماعي بحق 4 يمنيين في يناير 2019.
وفيما يتعلّق بجنس المعدومين، فقد شهد الربع الأول من العام إعدام إمرأة سعودية بتهمة القتل. فيما شكل الذكور البقية.
إستمرار تنفيذ أحكام الإعدام في السعودية بهذه الوتيرة المرتفعة يأتي على الرغم من توثيق الإنتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون، ومن بين ذلك التعذيب والحرمان من الحق في الدفاع عن النفس، إلى جانب الشوائب التي تعتري النظام القضائي في البلاد.
وعلى الرغم من إنعدام الشفافية في تعامل الحكومة السعودية في ملف المعتقلين والمحكومين بالإعدام، وبالتالي عدم القدرة على الوصول إلى الأرقام الفعلية للأفراد الذين يواجهون خطر الإعدام، فإن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان وثقت إستمرار تهديد أكثر من 60 معتقلا.
توثيق المنظمة بيّن أن أحكام الإعدام صدرت على الرغم من إفتقار المحاكمات إلى شروط العدالة، حيث تم تأكيد تعرض عدد منهم للإخفاء القسري وللتعذيب لإنتزاع إعترافات وحرمانهم من الحصول على محامين وغير ذلك من الإنتهاكات.
وفيما يبدو أن الضغوط التي مورست على الحكومة السعودية دفعت النيابة العامة إلى التراجع عن طلب إعدام المدافعة عن حقوق الإنسان إسراء الغمغام في يناير 2019، فلا يزال عدد من المعتقلين يواجهون أحكاما بإلإعدام بتهم سياسية. من بين هؤلاء المعتقلون الأربعة في نفس قضية الغمغام: السيد موسى الهاشم وأحمد المطرود وعلي العويشير وخالد الغانم، وكل من الشيخ سلمان العودة، وحسن المالكي. إضافة إلى ذلك، لا زال 8 أطفال على الأقل يواجهون خطر الإعدام بناء على تهم بينها ما يتعلق بالمشاركة في مظاهرات.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن الربع الأول من العام 2019، يثير مخاوف من إرتفاع معدلات الإعدام عن السنوات الماضية، حيث أنه في حال إستمرت المعدلات على هذه النسب، قد تزيد أحكام الإعدام 20% عن مثيلاتها في العام 2018 مما يعني تجاوزها 177 إعداما مع نهاية العام. وتشدد المنظمة على أن سبيل الإنتصاف الوحيد هو إطلاق سراح كافة معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين وخاصة الذين طالب مقررون خاصون من الأمم المتحدة بالإفراج عنهم، وضمان محاكمات عادلة لكافة المتهمين. وفي ظل هذه الأرقام والتوثيقات ترى المنظمة أن لا مؤشرات إيجابية فيما يتعلّق بتنفيذ ولي العهد محمد بن سلمان لوعوده.