بعد 3 أشهر على مطالبة الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي في الأمم المتحدة بالإفراج الفوري عن المدافع عن حقوق الإنسان محمد العتيبي، عمد القضاء في المملكة العربية السعودية إلى فتح قضية جديدة ضده.
في أبريل 2019، نشر الفريق العامل رأيه القانوني في قضية المدافع عن حقوق الإنسان محمد العتيبي (أغسطس 1968)، المعتقل في سجن مباحث الدمام، مبديا قلقه من أن هذا الرأي هو أحد الآراء العديدة التي كان قد خلص لها والتي تشير إلى انتهاك الحكومة السعودية التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، ما يؤكد وجود منهجية واسعة النطاق في الإعتقال التعسفي. ولكن بعد شهرين من ذلك، وبدلاً من أن تستجيب السعودية لطلب الفريق، قامت في يونيو 2019، بفتح قضية جديدة ضد العتيبي بتهم التهرب من المحكمة والسفر إلى قطر والتواصل مع جهات خارجية والتدخل في الشأن العام.
وكان الفريق قد بين حول قضية العتيبي الأولى، أنه تم التحقيق معه بعد مشاركته في تأسيس جمعية تعنى بحقوق الإنسان في مايو 2013 (جمعية الإتحاد لحقوق الإنسان)، كما بين أنه في أكتوبر 2016 أستدعي العتيبي من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة، حيث وجهت له تهم تأسيس جمعية بطريقة غير شرعية ونشر بيانات تضر بسمعة المملكة إلى جانب تهم أخرى تعلق بممارسة نشاطه السلمي.
الفريق أشار أيضاً إلى أن العتيبي كان بصدد مغادرة قطر إلى النرويج في مارس 2017، بعد أن منحته أوراق سفر طارئة وتأشيرة سفر على أن يقدم على طلب اللجوء السياسي فور وصوله، إلا أن قطر اعتقلته من مطار الدوحة ورحلته قسرياً إلى السعودية، حيث أودع في المعتقل فور وصوله وبقي بمعزل عن العالم الخارجي لمدة أسبوعين منع خلالها من التواصل مع عائلته. إلى جانب ذلك، تعرض العتيبي للسجن الإنفرادي لمدة 3 أشهر، ولم يمثل أمام سلطة قضائية إلا بعد مرور 50 يوما على اعتقاله، وفي يناير 2018 حكم عليه بالسجن 14 عاما.
في مايو 2018، خاطب الفريق العامل الحكومة السعودية يستفسر حول قضيته، وعلى الرغم من رد الحكومة، إلا أن الفريق اعتبر أن الإجراءات التي جاءت في الرد غير كافية، وأوضحت أن أي إجراءات قانونية تستند إليها الحكومة يجب أن تتوافق مع المعايير الدولية وبينها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وفي جانب آخر من الرأي الذي نشره الفريق، شدد على أن طرد اللاجئ محظور في القوانين، حيث “تتعرض حياته أو حريته للتهديد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو عضويته في جماعة اجتماعية معينة أو الرأي السياسي”، كما شدد على أن إعادة العتيبي من قبل قطر، يخالف اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية، وخاصة في ظل وجود نمط ثابت من الانتهاكات لحقوق الإنسان في الدولة المعنية.
وانتهى الفريق العامل إلى أن حرمان المدافع عن حقوق الإنسان محمد العتيبي من حريته يتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأن إعتقال يعتبر تعسفياً وليس قانوني، كما طلب من الحكومة السعودية اتخاذ الخطوات اللازمة لعلاج العتيبي دون تأخير، واعتبر الفريق أن سبيل الانتصاف المناسب في هذه القضية هو الإفراج الفوري عنه وإنفاذ القانون في التعويض له.
الفريق العامل حث السعودية على ضمان إجراء تحقيق كامل ومستقل في الظروف المحيطة بالحرمان التعسفي من الحرية للعتيبي، واتخاذ التدابير المناسبة ضد المسؤولين عن انتهاك حقوقه، وطالب الحكومة بإرسال أي تطورات جديدة تحصل في القضية.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن قضية الناشط العتيبي هي نموذج للتعاطي السعودي الرسمي مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، كما أنها تشير إلى زيف الادعاءات الرسمية وخاصة زعم السعودية في خطابها أنها تتعاون بشكل جدي مع الفريق العامل.
تعتبر المنظمة أن توقيت إعادة فتح القضية بعد 3 أشهر على نشر الفريق العامل رأيه، يستدعي التنبه إلى نهج السعودية في تجاهل المطالب الأممية وإمكانية أن تتخذ ردود فعل انتقامية من النشطاء عند الحديث العلني للأمم المتحدة حول إنتهاكاتها، وتشدد المنظمة على أهمية إيجاد آليات لمحاسبة السعودية على هذه الانتهاكات خاصة بصفتها عضو في مجلس حقوق الإنسان للمرة الرابعة.