أصدر القضاء السعودي مرة أخرى حكما بالإعدام تعزيرا على المعتقل الأردني حسين أبو الخير، بتهم تهريب المخدرات، وذلك في المحكمة الجزائية في تبوك في 26 نوفمبر 2017. وكانت المحاكمة قد أعيدت بعد أن نقضت المحكمة العليا في تاريخ 9 مارس 2017 حكم الإعدام الأول الذي صدر في 27 يناير 2015.
رفض القضاء السعودي قبول شكاوى المعتقل أبو الخير حول إكراهه وتعذيبه، للإعتراف بالتهم الموجهة له، واعتبر القضاة أن شكواه باطلة، لكونه أقر بالتهم الموجهة لدى المحكمة، وأنه كان بكامل أهليته المعتبرة. وكان أبو الخير قد قال أنه أضطر للإقرار بالتهم الموجهة له بسبب تعرضه للتهديد من قبل “المديرية العامة لمكافحة المخدرات” بإعادة التعذيب في حال لم يصادق على الأقوال المنسوبة إليه.
وكانت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان قد تابعت قضية أبو الخير (1965)، الذي أعتقل في 18 مايو 2014. توثيق المنظمة أشار إلى أن أبو الخير تعرض للإخفاء القسري فور إعتقاله، وبفحص المراحل التي مر بها، وجدت المنظمة أنه حرم من الغالبية العظمى من شروط المحاكمة العادلة، وقد أجبر على أقوال تدينه تحت التعذيب، كما أنه لم يتمكن من الحصول على محام في المحاكمتين اللتان أقيمتا له، وذلك في جميع المراحل التي مر بها، طيلة 45 شهرا بدءً من الإعتقال مرورا بالنطق بالحكم الأخير وحتى نشر هذا البيان.
وقد تابع المقررون الخاصون في الأمم المتحدة قضية ابو الخير، ففي 30 سبتمبر 2015 أرسل الفريق العامل المعني بالإعتقال التعسفي، والمقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، والمقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، رسالة إلى السعودية حول ماتعرض له أبو الخير من إنتهاكات، وأوضحت الرسالة أن حيثيات قضية ابو الخير تجعل الإقدام على إعدامه قتلا خارج نطاق القانون، هذا فضلاً عن أن التهم الموجهة له لا تعد من الجرائم الأشد خطورة.
في 4 مايو 2016، ردت السعودية على الرسالة، وعددت القوانين التي قالت أنها تكفل حصول كافة المعتقلين على حقوقهم، كما إعتبرت أن مخاوف المقررين غير مبررة لأن أبو الخير حصل على حقه في محاكمة عادلة كما أشار إلى أن عقوبة الإعدام لا تطبق في السعودية إلا على الجرائم الأشد خطورة.
ومن خلال تقييم المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان لرد السعودية على قضية أبو الخير، ومتابعتها لردودها في قضايا أخرى، تلحظ المنظمة إن السعودية كثيرا ما تقدم أجوبة غير صحيحة، وغير دقيقة، وتدعي إدعاءات فرضية فقط من خلال استعراض بعض مواد أنظمتها المحلية دون أن تطبق أكثرها في الواقع العملي مع المتهمين.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ترى أن إصرار قضاء السعودية على حكم الإعدام وتجاهل تأكيد المعتقل إنتزاع الإعترافات منه تحت التعذيب، وتجاهل تهديده من أجل التصديق على الإعترافات، هو إنتهاك صارخ للقوانين المحلية، إذ يؤكد نظام الإجراءات الجزائية السعودي في المادة 102: “يجب أن يكون الاستجواب في حال لا تأثير فيها على إرادة المتهم في إبداء أقواله، ولايجوز تحليفه ولا إستعمال وسائل الإكراه ضده”. إضافة إلى إنتهاك للقوانين الدولية وخاصة لإتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها السعودية عام 1997 التي تؤكد في مادتها 15 على أن “تضمن كل دولة طرف عدم الإستشهاد بأية أقوال يثبت أنه تم الإدلاء بها نتيجة للتعذيب كدليل في أية إجراءات”.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ترى أن الحكومة السعودية لاتتعاطى بشكل جدي مع القرارات والآراء الأممية التي تتعلق بهذه القضية، كما ترى المنظمة أن على الحكومة السعودية إعادة النظر بأحكام الإعدام بناء على جرائم مخدرات التي لا تعد ضمن الجرائم الأشد خطورة في القانون الدولي، في وقت تدعي إنها لاتقدم على الإعدام إلا على الجرائم الأشد خطورة.
إن الإحصاءات التي قامت بها المنظمة، تؤكد أن هذه الإعدام لم يشكل خلال السنوات الماضية حلا لمشكلة المخدرات، فقد بلغت نسبة الإعدام بتهم المخدرات حوالي 30% من مجمل عمليات الإعدام التي نفذت في السعودية خلال ثلاثة عشر عاماً، وماتزال المشكلة قائمة وتتفاقم.