تبتعد كثيراً المحاكمات الجارية في المملكة العربية السعودية عن المعايير الدولية للمحاكمات العادلة، ما يدل على خلل واضح يؤكد على أحقية التحفظ الذي أبدته الجمعية الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تجاه العديد من المحاكمات المقامة للموقوفين على قضايا الرأي وحرية التعبير. ومن خلال متابعة الجمعية للمحاكمات التي جرت الأسبوع المنصرم نقدم ملاحظتين:
يعد حق المساواة أمام القضاء من العناصر الرئيسية في المحاكمة العادلة وفق المعايير الدولية، ومن الجوانب المعنية في هذا الحق، هو مساواة الدفاع والأدعاء أمام القضاء، دون محاباة لأحد أو إجحاف لآخر.
في الجلسة الثانية من محاكمة العضو المؤسس لجمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم) الدكتور عبدالكريم الخضر، أبدى القاضي عبدالله التويجري تشدداً ملحوظاً حيال حق المتهم في الافراج عنه في الوقت الذي تستكمل المحاكمة، حيث تمنح المادة 123 من نظام الإجراءات الجزائية حق الإفراج للموقوف .
بعد طلب الدفاع ممثلا في عبدالعزيز الشبيلي، الافراج عن موكله، أوكل القاضي تنفيذ الإفراج إلى محكمة الاستئناف، بدعوى سببين: الأول: اعتراض الادعاء العام ممثلا في إبراهيم الدهيش. الثاني: الأمر الصادر من رئيس المحكمة (علي العمر) الذي استخدم النظام بشكل متشدد ضد أمر أطلاق سراح المتهم.
يعد السببين، من أوجه التشدد الذي يبديه القضاء عادة حيال المتهمين، ضد ما من شأنه أن يكون في مصلحة المدعى عليه، فقد بادر رئيس المحكمة في وقت سابق بتسهيل إيقاف الدكتور الخضر، غير أنه تشدد هذه المرة حينما تعلق الأمر بإطلاق سراحه، ما يؤكد فرضية انحياز القضاء للإدعاء العام في قضايا معتقلي الرأي.
مايعد مخالفة للفقرة الأولى من المادة الرابعة عشر من (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية)، الذي مازالت الحكومة السعودية تقدم الوعود بدراسته. حيث قالت في الأستعراض الدوري الشامل 2009 في الفقرة 62: (… ودراسة إمكانية الإنضمام إلى الإتفاقيات التي لم تنظم إليها المملكة) . وفي الاستعراض الدوري الشامل 2013 قالت في الفقرة 19: (ولازالت دراسة انضمام المملكة إلى العهدين الدوليين (العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية)؛ مستمرة، حيث رفعت التوصيات إلى السلطة التنظيمية (التشريعية) وأحيلت إلى هيئة حقوق الإنسان التي شكلت لجنةً من خبراء شرعيين وقانونيين وغيرهم من المتخصصين في مجالات العهدين بموجب قرار مجلسها رقم 116/1 المؤرخ في 18 يوليو 2012م، وتعقد اللجنة اجتماعاتها بشكلٍ دوري في مقر هيئة حقوق الإنسان) .
في الجلسة 12 للموقوف منذ 03/08/2011 الشيخ توفيق العامر، لم تقم إدارة السجن بإحضاره وفق الموعد، تكرر عدم احضاره في 8 جلسات من مجموع 12 جلسة، يخالف ذلك المواد 137 و 139 من نظام الإجراءات الجزائية الواقعة ضمن إجراءات المحاكم في إبلاغ الخصوم، وإلى المادة 17 من نظام المرافعات الشرعية الفقرة (ح): (يكون صورة التبليغ على النحو الآتي: ما يتعلق بالمسجونين والموقوفين إلى مدير السجن أو مكان التوقيف أو من يقوم مقامه).
أدى عدم قيام إدارة السجن بالتدابير اللازمة إلى عدم إحضار الموقوف العامر، وأن عدم إحضاره يؤدي إلى إنتهاك حقه في المحاكمة دون تأخير لامبرر له، المادة 14 الفقرة 3-ج في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية: (لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا الآتية: ج- أن يحاكم دون تأخير لامبرر له).
أيضاً تكرر ذلك مع في القضية المقامة ضد الموقوفين في سجن المباحث بالدمام، (علي سعيد الربح – علي أحمد الربح – محمد فيصل الشيوخ)، فعلى الرغم من محاكمتهم بشكل مشترك ومتزامن في قضية واحدة، إلا أنه تم نقل الأثنين الأوليين من الدمام إلى جدة لحضور الجلسة الرابعة، دون نقل الشيوخ – المشترك الثالث في القضية – معهم، ما أدى إلى تأجيل الجلسة، وتأكيد الخلل المستمر في طبيعة التدابير التي تقوم بها إدارات السجون.
تؤكد الجمعية أن هذه الحالة شائعة ومعتادة في المحاكمات الجارية لمعتقلي الرأي، وتم رصد العديد من الحالات المماثلة.
تجري في آخر أسبوع من الربع الثاني من العام الميلادي 2014، مجموعة من المحاكمات:
– حيث تقام الجلسة الرابعة والمخصصة للنطق بالحكم على الموقوف منذ 11/06/2013 رضا جعفر الربح، والذي يطالب المدعي العام باعدامه، على خلفية تهم التستر على مطلوبين للإعتقال في تهم تتعلق بالرأي وحرية التعبير، والخروج على ولي الأمر، واستخدام وحيازة السلاح.
– المحكوم بالسجن سنة، والمعتقل منذ 22/01/2013 عبدالله عبدالمحسن الفرج، يمثل أمام المحكمة مجددأ بعد أن طالبت محكمة الإستئناف العليا بزيادة المدة.
– ويمثل المعتقل منذ 23/03/2012 محمد صالح الزنادي أحد أفراد قائمة 23 في الجلسة السادسة من محاكمته، والذي يطالب الادعاء العام بتنفيذ حكم الإعدام بحقه على خلفية تهم تتعلق بحرية الرأي والتعبير وحق التجمع السلمي، وتهم أخرى ملفقة.
– كذلك يطالب المدعي العام بتنفيذ حكم الإعدام على (علي محمد النمر 20/02/1994) الذي كان حينما أعتقل في 14/02/2012 طفلاً بحسب السن القانوني، في تجاوز للقانون الدولي العرفي الذي يحظر استخدام عقوبة الإعدام ضد الأحداث (الأشخاص الذين أدينوا بارتكاب جرائم عندما كانوا دون سن 18 عاماً) وبوصفه معياراً قطعياً للقانون الدولي العام (قانون قطعي)، حيث يعرض في جلسته السادسة والمخصصة للنطق بالحكم. يذكر أن علي أودع عند بداية إعتقاله في دار الملاحظة الاجتماعية المخصصة للأطفال من السجناء اللذين لم يبلغوا 18 عاماً.
– وبعد ان كانت تشهد محاكمته تأخيراً وإطالة دون مبرر، تقام الجلسة السادسة للمعارض السياسي الشيخ نمر النمر، في وقت تؤشر الوتيرة السريعة للجلسات الأخيرة مقارنة بالجلسات الأولية، إقتراب صدور الحكم، الذي يطالب الادعاء أن يكون الإعدام.
– كما تعقد الجلسة السابعة لرئيس مرصد حقوق الإنسان في السعودية وليد أبو الخير، الذي يحاكم في قضيته الثانية هذه على تهم من ضمنها تأسيس منظمتين حقوقيتين، وتعد هذه التهمة متناقضة إلى حد بعيد مع الفقرتين (87 و 88) اللتان قدمتهما السعودية في الإستعراض الدوري الشامل في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أكتوبر 2013.
– كما تقام الجلسة التاسعة والمخصصة للنطق بالحكم للقضية المقامة ضد الموقوفين في سجن المباحث بالدمام : مرتجى ابو السعود 2012-12-14 ،حسين علي البرباري 2012-12-10 ،ناصر السويكت 07/01/2013، السيد عقيل العلوي، السيد مرتجى العلوي 10/12/2012، بتهمة نزع العلم السعودي من على مدرسة حكومية.
يذكر أن المحاكمات القائمة، غير علنية، وتنتهك الحق في النظر العلني للقضايا، المكفول في القانون الدولي، كما أن بعض التهم انتزعت تحت التعذيب، أو تم اكراه موقوفين على الإعتراف بها ضد موقوفين آخرين بممارسة التعذيب.
رابط جدول #مفكرة_المحاكمات 18
تمتلك الجمعية الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إثباتات عدة تؤكد عدم موضوعية القائمة، وإستنادها على عدة معلومات مغلوطة، وقد تم نشر بعضها في تقارير سابقة.