جنيف (10 تموز/يوليو 2014) – عبّرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي يوم الخميس عن قلقها بشأن اعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية تعسفيًّا ومحاكمتهم واحتجازهم، بما في ذلك الإدانة الأخيرة للمدافع عن حقوق الإنسان وليد أبو الخير والحكم القاسي الصادر بحقّه.
وقالت بيلاي إنّها تشعر بالقلق الشديد بشأن إدانة أبو الخير. وكانت محكمة متخصصة في الرياض قد قضت في 6 تموز/يوليو بسجن أبو الخير خمسة عشر عامًا، مع وقف تنفيذ آخر خمس سنواتٍ، ومنعه من السفر وتكبيده غرامة كبيرة.
وقالت بيلاي “تمثّل قضية أبو الخير مثالًا واضحًا على نمط المضايقات المستمرة للمدافعين السعوديين عن حقوق الإنسان، وقد أُدين العديد منهم بسبب ترويجهم سلميًّا لحقوق الإنسان”.
وأضافت بيلاي “أحثّ السلطات السعودية على القيام فورًا بإطلاق سراح كلّ المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين لديها لدفاعهم السلميّ عن حقوق الإنسان”.
كما عبّرت المفوضة السامية عن قلقها بشأن إدانة المدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية بجرائم تعرّفها قوانين مكافحة الإرهاب بشكل مبهم، وهو ما يتعارض مع المبدأ القانوني الذي يشترط عدم إدانة أيّ شخصٍ بأفعال لم تكن تمثّل جرائم واضحة عند ارتكابها.
كان أبو الخير قد اعتُقل في 15 نيسان/أبريل بسبب نشاطه في الدفاع عن حقوق الإنسان. ووُجهت له تهمٌ بارتكابه جرائم عدّة من بينها تأليب الرأي العام ضد الدولة وشعبها، الانتقاص من السلطات القضائية، تأليب المنظمات الدولية ضد المملكة، بنيّة تشويه سمعتها، إنشاء جمعية غير مرخصة، وجمع المعلومات ونشرها، عملًا بقانون مكافحة جرائم المعلوماتية للعام 2011. ولم يتمّ الادعاء على أبو الخير لارتكابه نشاطًا عنيفًا أو مشاركته فيه بل لمجرد التعبير عن آرائه. وصدر الحكم بحقّ أبو الخير من المحكمة الجنائية المتخصصة، التي أُنشئت عام 2008 للنظر في قضايا الإرهاب.
وقالت بيلاي “لم تمتثل محاكمات المدافعين عن حقوق الإنسان في المحكمة الجنائية المتخصصة، وكذلك في محاكم أخرى في المملكة العربية السعودية، للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة”.
وأضافت بيلاي “أشعر بالقلق أيضًا بشأن الأحكام القاسية التي صدرت في هذه القضايا، بما في ذلك الأحكام بالسجن لفترات طويلة والغرامات المالية الكبيرة ومنع السفر، بالإضافة إلى العقاب البدني”.
وفي 9 آذار/مارس 2013، أدانت المحكمة نفسها مدافعَين آخرين عن حقوق الإنسان، هما عبد الله الحامد ومحمد فهد مفلح القحطاني، بتهمة ارتكاب جرائم من بينها السعي الى نزع الولاية الشرعية والخروج عن ولي الأمر، والتشكيك في نزاهة المسؤولين و تقديم معلومات زائفة لمجموعات أجنبية وتأسيس جمعية غير مرخصة. وقد حكمت المحكمة بالسجن 10 سنوات على الحامد و11 سنة على القحطاني، بالإضافة إلى منعهما من السفر للمدة نفسها بعد انقضاء مدّة السجن.
كما أدانت المحكمة الجنائية المتخصصة في 30 حزيران/يونيو 2013 مدافعًا آخر عن حقوق الإنسان، هو فاضل مكي المناسف ، بتهمٍ من بينها المشاركة في مظاهرات وتصويرها ونشر اللقطات المصوّرة على الإنترنت والتواصل مع وسائل إعلام أجنبية بهدف الانتقاص من الدولة. وقد صدر بحقّه حكم بالسجن لخمس سنوات ومنعه من السفر لخمس عشرة سنةً وتغريمه 100 ألف ريال سعودي (حوالي 26 ألف دولار أمريكي).
وكانت محكمة جنائية عادية قد أيّدت في 27 أيار/مايو 2014 إدانة رائف بدوي، الناشط على وسائل التواصل الاجتماعي، بتهمة “استعماله العبارات التكفيريّة” على حسابه الفيسبوك. وصدر بحقّه حكمٌ بالسجن لعشر سنوات ومنعه من السفر لعشر سنوات وإغلاق موقع الشبكة الليبرالية السعودية الحرّة بشكلٍ دائم ومنعه من المشاركة لعشرين سنة في أي وسيلة إعلامية وتدمير حاسوبه الشخصي. وشمل الحكم أيضًا عقابًا بدنيًّا بألف جلدة تُنفذ في مكان عام.
وحثّت المفوضة السامية السلطات القضائية على وضع حدٍّ فوري لاستخدام الجلد، وهو عقابٌ بدنيّ لا يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها المملكة العربية السعودية.
وقالت بيلاي “لقد وصلتنا معلومات مثيرة للقلق بإساءة معاملة مدافعين عن حقوق الإنسان أثناء الاحتجاز”. ويدّعي أبو الخير، الذي احتُجز في سجن الحاير جنوب الرياض، أنّه وُضع في السجن الانفرادي وحُرم من النوم ومن التواصل مع محاميه وعائلته.
وقالت بيلاي “أحثّ السلطات السعودية على التحقيق بشكلٍ سريعٍ ومستقلٍّ وحياديّ في كل الإدعاءات بإساءة المعاملة أثناء الاحتجاز”. كما دعت المفوّضة إلى التحقيق في الإدعاءات بحدوث مخالفات إجرائية في المحاكم، بما فيها المحكمة الجنائية المتخصصة.
ودعت المفوّضة السامية المملكة العربية السعودية إلى احترام التزامها أمام مجلس حقوق الإنسان بضمان عدم إساءة استخدام النظم القضائية ونظم إنفاذ القانون لمضايقة الأفراد بسبب التعبير عن آرائهم السياسية أو الدينية.