بعد مضي سنة وشهرين منذ اعتقال خريج قسم الجغرافيا من جامعة الملك عبدالعزيز بمدينة جدة غرب السعودية (ميثم عبدالله آل حمدون) في 09/04/2012 (17/05/1433)، وبعد مراجعات متكررة من أسرته في مراجعة عدة جهات رسمية، قُدِمَ للمحاكمة في المحكمة الجزائية بالرياض في تاريخ 15/06/ 2013 (06/08/1434)، مخالفة بذلك المادة 114 من نظام الإجراءات الجزائية الصادر في 22/01/1435هـ (25/11/2013) الذي ينص على: (ينتهي التوقيف بمضي خمسة أيام، إلا إذا رأى المحقق تمديد مدة التوقيف، فيجب – قبل انقضائها – أن يقوم بعرض الأوراق على رئيس فرع هيئة التحقيق والادعاء العام، أومَنْ ينيبه من رؤساء الدوائر الداخلة في نطاق اختصاصه، ليصدر أمراً بالإفراج عن المتهم أو تمديد مدة التوقيف لمدة أو لمدد متعاقبة، على ألا تزيد في مجموعها على أربعين يوماً من تاريخ القبض عليه. وفي الحالات التي تتطلب التوقيف مدة أطول، يرفع الأمر إلى رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام أو مَنْيفوضه من نوابه ليصدر أمره بالتمديد لمدة أو لمدد متعاقبة لا تزيد أي منها على ثلاثين يوماً، ولا يزيد مجموعها على مائة وثمانين يوماً من تاريخ القبض على المتهم، يتعين بعدها مباشرة إحالته إلى المحكمة المختصة أو الإفراج عنه. وفي الحالات الاستثنائية التي تتطلب التوقيف مدة أطول؛ للمحكمة الموافقة على طلب تمديد التوقيف لمدة أو لمدد متعاقبة بحسب ما تراه، وأن تصدر أمراً قضائياً مسبباً في ذلك). وتلخصت الجلسة في توكيل المحامي طه محمد الحاجي.
في 30/06/2013 (21/08/1434) عقدت لميثم الجلسة الثانية، ووجهت له التهم التالية:
- الخروج على ولي الأمر وعدم الالتزام بطاعته، من خلال المشاركة في عدد من المظاهرات التي حدثت بالقطيف.
- التحريض على ولاة الأمر والإساءة لهم، والمطالبة بإخراج السجناء الموقوفين.
- إعداد وتخزين وإرسال ما من شأنه المساس بالنظام، عبر بريده الإلكتروني الخاص إلى عدة مواقع تتضمن القذف والشتم في ولاة الأمر والمشاركة فيها.
وفي 10/07/ 2013 (02/09/1434) عقدت الجلسة الثالثة، التي خصصت لسماع رد الدفاع الذي سمح له بتقديم الردود خطياً فقط.
أما الجلسة الرابعة عقدت في 19/08/2013 (12/10/1434) وخصصت للنطق بالحكم من قبل القاضي، كالتالي:
- عقوبة تعزيرية شديدة زاجرة له ورادعة لغيره.
- المنع من السفر.
- تطبيف العقوبة الواردة في المادة السادسة من (نظام مكافحة جرائم المعلوماتية) بحده الأعلى سجنا وغرامة. (تنص المادة 6 من نظام من (نظام مكافحة جرائم المعلوماتية) الصادر بتاريخ 08/03/1428هـ (27/05/2007): يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل شخص يرتكب أياً من الجرائم المعلوماتية الآتية….)
رفض المتهم الحكم، وقدم المحامي اعتراضه مطالباً بالاستئناف.
آل حمدون (46 سنة) ولد في 23/03/1968, متزوج وأب لبنتين وثلاثة أولاد، يشغل وظيفة مدرس جغرافيا في المدارس الحكومية للمرحلة المتوسطة، تم إيقافه أول مرة في 29/02/2012 (07/04/1433) وهو برفقة أبنته، ليتم إجباره على التوقف في عرض الشارع، وينزل وأبنته من السيارة، ليتم اعتقاله من دون إبراز مذكرة اعتقال أو توضيح اسباب، ومصادرة سيارته، مخالفا للنصوص الحقوقية والقانونية التي ترفض الاعتقال التعسفي كما في المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان: (لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً)، والمادة الثانية من نظام الإجراءات الجزائية السعودي: (لا يجوز القبض على أي إنسان، أو تفتيشه، أو توقيفه، أو سجنه, إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاماً، ولا يكون التوقيف أو السجن إلا في الأماكن المخصصة لكل منهما وللمدة التي تحددها السلطة المختصة. ويُحْظَر إيذاء المقبوض عليه جسدياً أو معنويّاً، ويُحْظَر كذلك تعريضه للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة).
أُقتيد إلى شرطة القطيف، ثم إلى شرطة الدمام، وكانت التهمة حينها الاشتباه بالسيارة بدعوى أن الأرقام الأخيرة من لوحة سيارته مطلوبة. ظل ميثم رهن الاحتجاز التعسفي لمدة خمسة أيام، وتم إجباره تحت الإكراه والتهديد والضغط النفسي على التوقيع على عدة تهم، ليتم بعدها الإفراج عنه بكفالة.
بعد أكثر من شهر، وفي 09/04/2012 (17/05/1433), تم الاتصال به للحضور، ليتم إيقافه مرة أخرى في قسم التوقيف بشرطة الدمام، لينقل بعد أربعة أيام إلى سجن المباحث العامة بالدمام.
وعلى أثر نوبة قلبية تعرض لها، قضى ميثم أول شهرين من اعتقاله في المستشفى في العناية الفائقة، تحت حراسة مشددة، مقيداً على السرير. وحدث أثناء ذلك، التحقيق معه في ساعة متأخرة، ما أدى لنكسة صحية حادة، وعلى أثر ذلك أوضح الدكتور أن ذلك قد يؤدي إلى وفاته نتيجة لإنخفاض حاد في مستوى السكر.
وبعد شهرين من المعاناة الصحية، تم نقله لزنزانة إنفرادية، مكث فيها شهرا، ليسمح له بعد ثلاثة شهور من اعتقاله بالاتصال بعائلته. وبعد سعي وتحركات حثيثة، سُمِحَ لعائلته بزيارة استثنائية، وقبل دخولهم لزيارته التي أستمرت 20 دقيقة فقط، مكثت عائلته 7 ساعات في قسم الإنتظار.
- إهانات لفظية متواصلة، وشتم بألفاظ جارحة، حتى حينما كان يتواجد في العناية الفائقة في أول شهرين من اعتقاله.
- ضغوطات نفسية عبر الترهيب، والتهديد بأمور مختلفة منها سكب الشاي المغلي. كذلك إيهامه أنه تم اقتحام منزله وأُوقِعَ باسرته ضرر، وإجباره على إعترافات حتى لا تتعرض أسرته للمزيد.
ينتهك ذلك ما ورد في (اتفاقية مناهضة التعذيب) التي أنضمت لها السعودية في 23/09/1997، والتي تحرم ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو إلا إنسانية أو المهينة. وأيضا يخالف المادة 28 من (أنظمة لسجون والمعتقلات السعودية) الصادر بتاريخ 21/06/1398هـ (29/05/1978)، التي تنص على: (لا يجوز الاعتداء على المسجونين أو الموقوفين بأي نوع من أنواع الاعتداء، وتتخذ إجراءات التأديب ضد الموظفين المدنيين أو العسكريين الذين يباشرون أي عدوان على مسجون أو موقوف وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع العقوبات الجزائية عليهم في الأحوال التي يكون الاعتداء فيها جريمة).
- تعرض ميثم لنوبة قلبية وأجريت له عملية قسطرة بالقلب.
- إصابته في عينه بالماء الأبيض.
- أصبح يعاني من فقر دم حاد نظرا لعدم تناسب الغذاء المقدم مع حالته الصحية.
- إصابته بالتهابات حادة بالأذن.
- تفاقم مرض السكري الذي يعاني منه مسبقا، والذي كان يسيطر عليه بالتوازن الغذائي دون الحاجة لتناول عقاقير طبية، لترتفع نسبته الآن حتى 450 mg/dl في الوقت الذي تقدر النسبة الطبيعية 120 mg/dl، ما يعني أنه يعاني من نسبة سكر عالية.
- إصابته بحالة نفسية سيئة، نتيجة لما تعرض له.
- الشعور بقفدان الأمن نتيجة لما تعرض له ميثم من تهديدات باقتحام منزله.
- تردي الحالة الإقتصادية، وتراكم الديون، نتيجة لتخفيض راتبه الشهري إلى النصف بعد اعتقاله.
في 10/12/2013 (07/02/1435) ، تم تبليغ محاميه بتصديق الحكم من محكمة الاستئناف، بالسجن 9 سنوات منها 3 سنوات استناداً إلى نظام الجرائم المعلوماتية و 6 سنوات تعزيرية (تأديبية بحسب تقدير القاضي) ، وكذلك المنع من السفر لمدة 9 سنوات بعد خروجه من السجن.
- الإفراج الفوري والعاجل عن المعتقل دون قيد أو شرط.
- التأكيد بأن سلامته الجسدية والنفسية مسؤولية الحكومة بشكل كامل، نتيجة لحالته الصحية التي نتجت عن التعذيب وظروف السجن، وأن أي خطر تتعرض له حياته فإنه بسبب سجنه الغير عادل وبسبب الممارسات الرسمية.
- إيقاف المعاملة المهينة واللا إنسانية التي يتعرض لها السجين، ومقاضاة المتسببين في تعذيبه.
- توفير الحقوق كاملة لسجين الرأي آل حمدون، خصوصاً الحقوق الصحية والنفسية.
- تعويضه عن الإضرار الإقتصادية التي لحقت به، وتعاني منها أسرته.
ونؤكد أن سجن آل حمدون، يعد إنتهاكاً لحق الحرية وحق التعبير، وحقه في ضمان سلامته النفسية والجسدية. ونناشد مختلف المؤسسات الحقوقية بالنظر لما يتعرض له المحتجزين والمسجونين في سجون المباحث السعودية، خصوصاً مع تزايد حالات الإعتقال التعسفي للناشطين والمواطنين في الربع الأخير من 2013، والتي تتم في المطارات ومنافذ السفر، والدوائر الحكومية، وأماكن العمل، وفي نقاط التفتيش، دون مراعاة الإجراءات النظامية في حالات الإشتباه.
تقرير صادر من منظمة العفو الدولية، مايو 2012، بعنوان: المملكة العربية السعودية، خنق أصوات المعارضين في المنطقة الشرقية.