أكد رصد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، في إحصائية تم تدقيقها في 25 يوليو 2017، أن 47 معتقلا يواجهون أحكاما بالإعدام في المملكة العربية السعودية، في مختلف درجات التقاضي، ثمانية عشر منهم قد يتم إعدامهم في أي لحظة بعد مصادقة أحكامهم بشكل نهائي من قبل المحكمة العليا. تتبع المنظمة للحالات يشير إلى أن ثمانية معتقلين منهم كانوا إطفالا عند الإعتقال أو بحسب تاريخ التهم التي وجهت لهم، فيما وثقت المنظمة تعرض العديد منهم للتعذيب من أجل إنتزاع إعترافات.
تصر السعودية على إصدار أحكام الإعدام وتمضي في تنفيذها، ومنها أحكام الإعدام للمعتقلين السياسيين، وأخرها إعدام أربعة سجناء في يوليو 2017، على الرغم من إنها تشكل إنتهاكاً للإلتزامات التي قدمتها دوليا، وعلى الرغم من الإنتقادات التي وجهت لها والمطالب بوقف الأحكام وبإعادة عدد من المحاكمات. وفي هذا السياق، قدمت عدة جهات أممية رسائل إلى السعودية طرحت خلالها بعض القضايا والحالات التي تواجه خطر الإعدام:
المقررون الخاصون في الأمم المتحدة
مجتبى السويكت:
في 21 نوفمبر 2016، قدم المقررالخاص المعني بالإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أوتعسفا، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أوالعقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، رسالة إلى السعودية حول قضية الشاب مجتبى السويكت، طرحت فيها عددا من الأسئلة حول المعلومات التي حصلوا عليها حول القضية والتي تتعلق بالتعذيب ومدى عدالة المحاكمة التي تعرض لها. المقرران طلبا من السعودية “منع تنفيذ حكم الإعدام الذي صدر بحق مجتبى وأكدت أن تنفيذه سيكون غير متسق مع القانون الدولي”، ولكن حتى كتابة هذا التقرير، مازال حياة مجتبى في خطر وقد يتم قتله في أي لحظة.
ردت الحكومة السعودية في 17 يناير 2017 على البلاغ المقدم حول قضية السويكت ضمن ردها على بلاغ آخر تضمن قضية علي النمر ومنير آل آدم إلى جانب قضية السويكت.
علي النمر- مجتبى السويكت- منير آل آدم:
في 1 سبمتبر 2016، خاطب أربعة مقررين من الأمم المتحدة السعودية، وهم: (المقرر الخاص المعني بالإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أوتعسفا، والمقرر الخاص المعني بحق الإنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، والمقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة) وطرحوا معها قضية ستة معتلقين بينهم ثلاثة من المحكومين بالإعدام، وهم علي النمر، ومجتبى السويكت ومنير آل آدم. الرسالة أعربت عن قلقها “من تعذيب وسوء معاملة، بما في ذلك إنتزاع اعترافات بالقوة، وعدم التحقيق في ماتعرضوا له من تعذيب وفتح محاكمات لمقاضاة معذبيهم، واستخدام العقاب البدني وفرض عقوبة الإعدام بعد محاكمات غير عادلة، وظروف الاحتجاز اللاإنسانية، واستخدام الحبس الانفرادي لفترات طويلة”. كما أعرب المقررون عن القلق حول السلامة الجسدية والعقلية للمعتقلين الذين ذكرتهم الرسالة إضافة إلى إفتقارهم للرعاية الطبية.
في 17 يناير 2017، ردت السعودية على البلاغ بالإضافة إلى البلاغ السابق في قضية مجتبى السويكت، حيث نفت تعرض السويكت للتعذيب وإنتزاع إعترافات منه بالقوة، وأشارت إلى التهم التي واجهها مجتبى،موضحة أن الحكم الصادر بحقه لا زال تحت النظر القضائي.
وفيما يتعلق بمنير آل آدم، نفى الرد تعرضه للتعذيب، وقال بأنه كان قد فقد السمع في إحدى أذنيه قبل الإعتقال، في حين أكدت أسرته في أكثر من مناسبة عكس ذلك. كما ردت السعودية على عدد من الإستفسارات التي قدمها المقررون وبينها ما يتعلق بضمان الإلتزام بالمعايير الدولية والخاصة في تطبيق عقوبة الإعدام، وقالت أنها لا تنفذ إلا على الجرائم الأشد خطورة وفي أضيق الحدود، وقولها هذا يخالف ممارساتها الفعلية.
علي النمر- داوود المرهون – عبد الله الزاهر:
في 22 مارس 2016، وجه المقررالخاص المعني بالإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أوتعسفا، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، رسالة إلى السعودية تضمنت تفاصيل حول قضايا كل من علي النمر، داوود المرهون، وعبد الله الزاهر، طالبوا فيها بأن “تتخذ كافة الخطوات اللازمة لوقف تنفيذ الحكم الصادر بحقهم”، وأكد المقررين عدم إتفاق الحكم الصادر عليهم مع المعايير والقوانين الدولية لحقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بكونهم كانوا أحداثا.
لم ترد السعودية على الرسالة على الرغم من أنها قالت بأنها سترد خلال 30 يوما، وقد يتم إعدامهم في أي لحظة.
داوود المرهون:
في 19 أكتوبر 2015 وجه المقررون الخاصون رسالة إلى السعودية حول قضية داوود المرهون، أبدوا فيها قلقهم من إمكانية إعدامه على الرغم من إعتقاله طفلا. كما طالبت الرسالة “بإتخاذ جميع الخطوات اللازمة للوقف الإعدام”. لم ترد السعودية على الرسالة.
أشرف فياض:
في 30 نوفمبر 2015، وجه سبعة من المقررين في الأمم المتحدة (المقررة الخاصة في مجال الحقوق الثقافية، المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد، المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أوتعسفاً) رسالة إلى السعودية حول قضية الشاعر الفلسطيني أشرف فياض، دعوا فيها السعودية إلى الوقف الفوري لحكم الإعدام. وأوضح المقررون أن المعلومات التي وصلتهم تؤكد أن الحكم على فياض “يتعارض مع حقوق كل فرد في الحياة والحرية والأمن؛ والتحرر من الاعتقال والاحتجاز التعسفيين، والمحاكمة العادلة وحرية الفكر والوجدان والدين؛ وحرية الرأي والتعبير”.
في 4 مارس 2016، ردت السعودية على الرسالة، وأكدت إلتزامها بتعزيز وحماية حقوق الإنسان ورفضت كل المعلومات التي وردت للمقررين حول قضية أشرف فياض، مُفَصِّلَةً المواد القانونية التي إستندت إليها، كما قالت أنها “لا تقبل التشكيك في نزاهة وعدالة وإستقلال القضاء”، وطالبت بإقفال الملف. وفيما يتعلق بآخر التطورات في قضية فياض، فقد تم إسقاط حكم الإعدام وتثبيت حكم بالسجن ثمان سنوات و 800 جلدة.
في 30 سبتمبر 2015 أرسل الفريق العامل المعني بالإعتقال التعسفي، والمقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، والمقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أوتعسفاً، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أواللاإنسانية أوالمهينة، رسالة إلى السعودية حول قضية الأردني المحكوم بالإعدام في قضايا تتعلق بالمخدرات حسين أبو الخير. وأوضحت الرسالة أن حيثيات قضية ابو الخير إضافة إلى أنه يواجه تهما لا تعد من الأشد خطورة، تجعل الإقدام على إعدامه قتلا خارج نطاق القانون.
في 4 مايو 2016، ردت السعودية على الرسالة، وعددت القوانين التي قالت أنها تكفل حصول كافة المعتقلين على حقوقهم. كما إعتبر الرد أن مخاوف المقررين غير مبررة لأن أبو الخير حصل على حقه في محاكمة عادلة كما أشار إلى أن عقوبة الإعدام لا تطبق في السعودية إلا على الجرائم الأشد خطورة.
لجنة مناهضة التعذيب
في 7 يونيو 2016، قدمت لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة ملاحظاتها الختامية حول مسألة التعذيب في السعودية. التقرير أبدى المخاوف حول إنتهاك السعودية لإتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعتها في 1997. ومن بين القضايا التي طرحها التقرير، مسألة عقوبة الإعدام، حيث دعا السعودية إلى تقديم بيانات مفصلة حول تنفيذ أحكام الإعدام والأحكام المرتقبة، كما ذكر التقرير أن هناك “قضاة في المحكمة رفضوا مرارا النظر في إدعاءات متهمين بالإرهاب أشاروا فيها إلى أنهم تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة أثناء استجوابهم بهدف انتزاع اعترفاتهم”، كما ذكر التقرير حالات كل من علي النمر، وداوود المرهون، وعبد الله الزاهر.
لجنة حقوق الطفل
في 25 أكتوبر 2016، قدمت لجنة حقوق الطفل في الأمم المتحدة تقريرها حول تطبيق السعودية لإتفاقية حقوق الطفل. التقرير الذي أشار إلى عدد من المخاوف التي تحيط بالقوانين والتشريعات، تطرق إلى مسألة عقوبة الإعدام، حيث لا زالت السعودية تساوي الأطفال بالكبار في المحاكمات وتحكم عليهم بالإعدام، وحثت اللجنة الحكومة السعودية “على أن توقف على الفور إعدام الأشخاص الذين كانوا دون سن الثامنة عشرة في وقت ارتكابهم المزعوم للجريمة، ومن بينهم علي النمر، وعبد الله الزاهر، وسلمان القريش، ومجتبى السويكت، وعبد الكريم الحواج، وداود المرهون”.
الفريق العامل المعني بالإحتجاز التعسفي
في 6 فبراير 2017، وجه الفريق العامل المعني بالإحتجاز التعسفي، رسالة إلى السعودية حول ثلاثة قاصرين (علي النمر، داوود المرهون، عبدالله الزاهر) يواجهون أحكاما بالإعدام، طالب فيها بإتخاذ التدابير اللازمة لحمايتهم من الإعدام والإفراج الفوري عنهم. وأعرب الفريق في الرسالة عن إنزعاجه العميق إزاء كون القصر الثلاثة تمت مقاضاتهم وحكم عليهم بالإعدام بالإستناد إلى قوانين جرائم الإرهاب، كما إعتبر الفريق أن حرمان الأشخاص الثلاثة منذأربعة أعوام من حريتهم، لا أساس قانوني له وهو إحتجاز تعسفي، كما أبدى الفريق إقتناعه بأن توقيف القاصرين الثلاثة جاء على خلفية مشاركتهم في مظاهرات سلمية. كما أشار الفريق إلى أن رد السعودية على الشكوى لم يتضمن أي معلومات تنفي ما أكده الموقوفون حول تعرضهم للتعذيب.
المفوض السامي
إضافة إلى التقارير والمطالب التي رفعتها عدد من آليات مجلس حقوق الإنسان، إنتقد المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين في تقريره السنوي في مارس 2017، الإعدامات في السعودية مشيرا إلى أنها من الدول الأربع على مستوى العالم المسؤولة عن 90 بالمئة من عمليات الإعدام.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تؤكد أن تتبع مواقف أجهزة وآليات الأمم المتحدة، من قضايا الإعدام في السعودية، يظهر عدم إحترام السعودية لتعهداتها الدولية، خاصة بصفتها عضو في مجلس حقوق الإنسان للمرة الرابعة، حيث أنها لا زالت تتجاهل المطالب التي يرفعها لها مقرروا الإجراءات الخاصة، أو تقدم ردودا غير صحيحة أو مضللة، وتعمد إلى تصديق وتنفيذ أحكام كان الخبراء الأمميون قد أبدوا قلقهم حول عدالتها.
فمنذ العام 2014، وجه خبراء أمميون، أربع رسائل إلى السعودية حول قضية الشيخ نمر النمر، أبدوا خلالها قلقهم حول سير المحاكمة والمخاوف من الإعدام. ففي 28 أغسطس 2014، طالب الخبراء الحكومة السعودية في رسالة بتفاصيل حول قضية إعتقال ومحاكمة الشيخ النمر، وفي 17 نوفمبر من العام نفسه وجه الخبراء بلاغا حول قضية الشيخ النمر أشاروا فيها إلى أنه لم يتمتع بشروط المحاكمة العادلة، فيما طالبوا في 13 مايو 2015 في رسالة إلى الحكومة بإتخاذ كافة الإحتياطات لحماية الشيخ النمر من الإعدام، إلا أن السعودية مضت في تصديق الحكم ونفذته في 2 يناير 2016، في إعدام جماعي لسبع وأربعين معتقلا، طال إلى جانب الشيخ النمر أطفالا، وفي 31 أغسطس 2016 تلقت الحكومة السعودية بلاغا تضمن إشارة إلى قضية الشيخ نمر باقر النمر، كأحد الأمثلة على المحاكمات التي لاتفي بالمعايير القانونية ولا بشروط المحاكمة العادلة، وأشار البلاغ إلى أن الحكم بالإعدام نفذ بحق النمر في 2 يناير 2016 بعد مواجهته لعدد من التهم السياسية.
إن المنظمة ترى أن إصرار السعودية على المضي في تنفيذ أحكام الإعدام بحق الحالات التي وردت في تقارير ورسائل المقررين واللجان الأممية، وتجاهلها للإنتقادات التي وجهت لنظامها القضائي وعدالته، هو خرق صريح، وإنتهاك صارخ للإلتزامات التي كانت السعودية قد وافقت عليها.
إن المنظمة تدعو المجتمع المدني في السعودية، إلى تتبع كل المراسلات التي تتم بين آليات الأمم المتحدة وبين السعودية، وتداولها في العلن بمختلف الوسائل، وتدعواالمنظمة مجلس حقوق الإنسان إلى أنه وفي ظل إصرار السعودية على نهج تجاهل إلتزاماتها، فإن على المجلس وآلياته إتخاذ خطوات جدية وطارئةمن أجل حماية حق الحياة للأطفال والكبار الذين يواجهون خطر الإعدام الوشيك في أي لحظة.