ضمن تتبع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، لخطاب المملكة العربية السعودية الحقوقي في الملتقيات الدولية، وخلال رصد المنظمة لخطابات السعودية في دورة مجلس حقوق الإنسان الثالثة والأربعين التي اختتمت في 12 مارس 2020، وجدت المنظمة أن السعودية مستمرة على نفس النهج المُتبع، حيث تمسكت الخطابات التي قدمها الوفد الرسمي، بأساليب التضليل ذاتها، ورفض الانتقادات الواقعية، ومحاولات عبثية بإضفاء مشروعية قانونية على انتهاكاتها التي تخالف القوانين المحلية والدولية.
ففي ردها على إنتقاد عدد من الدول لسجلها الحقوقي، وضمن مناقشات البند الرابع في أجندة مجلس حقوق الإنسان، ادعت السعودية على لسان مندوبها عبدالله مسعود القحطاني، أنها مستمرة في جهودها لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، ومواصلة التعاون مع مختلف مؤسسات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان.
وكانت عدة دول قد انتقدت انتهاكات السعودية الحقوقية، وذلك ضمن مناقشات البند الرابع، حيث دعت النرويج إلى السماح بحرية الرأي والتعبير، وانتقدت السويد سوء استخدام قوانين مكافحة الإرهاب في السعودية. الاتحاد الأوروبي وآيسلندا أبديا القلق من الاعتقالات التعسفية، فيما أبدت الدنمارك مخاوفها من الإعدامات، ودعت فنلندا لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان ومعاقبة قتلة خاشقجي.
السعودية اعتبرت أن المعتقلين الذي أشارت لهم البيانات، ليسوا معتقلين بسبب ممارساتهم حقوقا أو لكونهم نشطاء، بل لممارستهم أعمالا مخالفة للنظام العام والقانون.كما ادعت أنها ضمنت لهم التمتع الكامل بحقوقهم، وأنهم حاليا يخضعون لإجراءات قضائية تضمن لهم محاكمة عادلة.
تضمن رد السعودية اعترفا ضمنيا أنها تعتقل نشطاء، حيث قالت بأن كون الشخص ناشط، لا يعني أن له الحق في مخالفة القانون وأنه لا يوجد أحد فوق القانون.
وفيما يخص جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، قالت السعودية أنها اتخذت جميع الإجراءات المطلوبة لضمان محاكمة عادلة وشفافة للمتورطين في الجريمة، بما يكفل لجميع الأطراف حقوقهم القانونية. كما قال أن جلسات المحاكمة تتم بحضور ممثلين من سفارات الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إلى جانب تركيا ومنظمات حقوقية سعودية. السعودية رفضت أي مقاربات لقضية خاشقجي، ودعت إلى التعامل مع القضايا الحقوقية بشكل حيادي وموضوعي وعدم الانسياق حول مصادر لا أساس لها.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن رد السعودية على انتقادات الدول لم يحمل إلا المزيد من المحاولات العبثية للتضليل ورفض الاعتراف بالوقائع المثبتة، حيث أن رصد طبيعة التهم الموجهة للمعتقلين يؤكد أن بينها ما يتعلق بالتعبير عن الرأي في وسائل الإعلام، ومشاركة معلومات عن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، والتواصل مع هيئات الأمم المتحدة. يضاف ذلك إلى حرمان الأفراد من الضمانات القانونية للمحاكمة العادلة، حيث تم رصد عدد من الانتهاكات بينها إجراء التحقيق بدون وجود محامي، وعدم التحقيق في دعاوى التعذيب، وعدم علنية المحاكمات.
وحول قضية الصحفي خاشقجي، يتضح أن الإجراءات التي قامت بها السعودية حتى الآن، كانت بهدف حماية بعض المسؤولين من التحقيق أو العقاب، إذ بين تقرير المقررة الخاصة المعنية بالقتل خارج نطاق القضاء تورط مسؤولين سعوديين لم تشملهم التحقيقات في عملية القتل وبينهم ولي العهد محمد بن سلمان، وتضمن إشارات لتورط سعود القحطاني وأحمد عسيري، كما أوضحت رسائل المقررون الخاصون في الأمم المتحدة أن المحاكمة التي أقيمت، انعدمت فيها شروط العدالة اللازمة في المحاكمات.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية، إن خطاب السعودية الحقوقي يرتكز على التفلت من الحقائق، ويجتهد في التضليل، ويعزز الإفلات من العقاب. ومن جهة أخرى تستمر الحكومة السعودية بإغلاق المجال المدني على أي نشطاء مستقلين أو جهات محايدة. إن إعتماد السعودية من جهة على خطاب مضلل، ومن جهة أخرى على إحكام قبضتها القمعية على المجتمع المدني لمنع الحديث عن الانتهاكات، يشير إلى إنعدام نية المسؤولين السعوديين عن الكف عن الانتهاكات الحقوقية والجرائم ضد الإنسانية.