تعبر المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عن بالغ قلقها إزاء تكرار عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء الذي تمارسه الحكومة السعودية ضد التجمعات السلمية، فقد أقدمت الحكومة السعودية في السادس والعشرين من سبتمبر 2014، عبر فرقة أمنية تستقل سيارتين مدنيتين، على أطلاق النار المكثف على مجموعة من الرجال، كانوا يستعدون إلى جانب بعض النساء للبدء في مظاهرة معلنة، تطالب بإطلاق سراح معتقلي الرأي، حدث ذلك في قرابة الساعة 08:45 مساء.
أسفر الاستهداف عن قتل المتظاهر (باسم علي القديحي، 36 عاماً) متأثراً بجراحه التي تم توثيقها قبل دفنه: 23 رصاصة بحسب شهود عيان و 7 مواضع سحل و 3 حروق على الأقل لأعقاب سجائر وجرحين كبيرين يبدوان من سكين حادة وكسر في يده اليمنى، لتبلغ فيما مجموعها 36 أثراً في جسده تؤكد تعرضه إلى تعامل انتقامي، ويرجح معاينين للجسد أنه تلقى تعذيبا قبل أن يلفظ أنفاسه.
تم انتشاله في واحدة من السيارتين الذي نفذ بهما الهجوم ونقلته إلى مكان مجهول، كما جرح أثنين آخرين تم اعتقالهم من أحد المستشفيات الخاصة بعد أن نقلهم الأهالي، كما جرح عدد آخر تحتفظ المنظمة بالتفاصيل حولهما لدواعٍ تتعلق بأمنهم.
ليبلغ بذلك عدد القتلى برصاص القوات الأمنية 21 مواطناً في الفترة من 20/11/2011 حتى 26/09/2014، قتل منهم في مظاهرات 9 مواطنين، كالتالي:
كما قتل خمسة بأساليب هجوم خاطفة، كانت تتم عبر مباغتة سيارات مدنية، يستقلها رجال يرتدون الزي المدني، يكون بعضهم ملثماً أحياناً:
ما يؤكد استمرار الحكومة السعودية بتجاهل القوانين الدولية التي تمنح الحق في التعبير والتجمع السلمي، حيث (تنطوي بعض حالات القتل غير المشروع على أيدي موظفي إنفاذ القانون على استخدامٍ للقوة لا يسع أحداً ادعاء مشروعيته لا بمقتضى القانون الدولي ولا المحلي) [1] ، ويدل على أن إطلاق يد القوات الأمنية في استخدام القوة ناتج عن أوامر ممنهجة، وحصانة ممنوحة من جهات عليا تفتح الباب واسعاً للإفلات من العقاب.
إن الحكومة السعودية لم تتجاوب مع طلب (المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً)، السيد كريستوف هاينز، حينما طلب تزويده بنسخ من قوانينها الوطنية المتعلقة باستخدام القوة، وذلك في سبتمبر 2013 ([2]) ، وكان حتى وقت طلب المقرر، كانت قد قتلت القوات السعودية 17 مواطنا جراء استخدام القوات الأمنية القوة المفرطة والرصاص، بدأ من أول ضحية سقط في نوفمبر 2011 منذ بداية احتجاجات 2011.
يضع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ في 15 ديسمبر 1989 الذي بموجبه تم اعتماد (مبادئ المنع والتقصي الفعالين لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة) [3] ، سلوك الحكومة السعودية الممنهج تحت طائلة المحاسبة القانونية، إذ تقتضي المبادئ أن (تحظر الحكومات، بموجب القانون، جميع عمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة، وتكفل اعتبار هذه العمليات جرائم بموجب قوانينها الجنائية، يعاقب عليها بعقوبات مناسبة تراعي خطورتها. المادة 1)، كما أن الذرائع التي يمكن أن تسوقها الحكومة السعودية غير مقبولة: (توخيا لمنع عمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة، تتكفل الحكومات بفرض رقابة دقيقة، ذات تسلسل قيادي واضح، علي جميع الموظفين المسؤولين عن القبض علي الأشخاص وتوقيفهم واحتجازهم وحبسهم وسجنهم، وعلي الموظفين المخول لهم قانونا استعمال القوة والأسلحة النارية. المادة 2).
كما أن في عدم قيام الحكومة السعودية بالتحقيق في حوادث القتل المذكورة، يؤكد مسؤوليتها المباشرة عن عمليات القتل، لذلك فإننا في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان نحثها على إجراء (تحقيق شامل عاجل نزيه عند كل اشتباه بحالة إعدام خارج نطاق القانون أو إعدام تعسفي أو إعدام دون محاكمة. المادة 9). وذلك حتى (تكفل الحكومات محاكمة الأشخاص الذين يظهر التحقيق أنهم اشتركوا في عمليات الإعدام خارج نطاق القانون أو الإعدام التعسفي أو الإعدام دون محاكمة. المادة 18).
جاء في بيان وزارة الداخلية، أن القتل كان بسبب مواجهة بين المتظاهرين وبين القوات الأمنية، وهذا ما ينفيه أكثر من شاهد عيان تحدثت معه المنظمة الأوروبية السعودية كان بينهم متظاهرين. يرى (المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً) ضمن “الحق في الحياة”، أن لاستخدام القوة عدة عناصر ينبغي توافرها [4] ، منها:
– السند القانوني الكافي.
– الهدف المشروع.
– الضرورة.
– الوقاية/الاحتراز.
– التناسب.
ولكن لم تكن أيا من العناصر الآنفة متوافرة في قتل المتظاهر باسم البحراني. فلم:
– فلم يقتل بناء على حكم قضائي أو قانون احترازي (السند القانوني الكافي).
– ولم يكن قتله لإنقاذ حياة شخص أو حماية آخر من إصابة خطيرة (الهدف المشروع).
– ولم تثبت أي ضرورة في حادثة قتل القديحي وجرح آخرين، وترويع نساء كانوا يستعدون للشروع في مظاهرة سلمية (الضرورة).
– ولم يثبت أن هناك تهديد لرجال الأمن أو المارة من قبل المتظاهرين السلميين، بل أن هجوماَ مباغتاً مسلحاً من الأمام والخلف هو ما قامت به الحكومة السعودية فقط (الوقاية/الاحتراز).
– ولم يكن هناك أي فعل عنيف مارسه المتظاهرون، لا ابتداء ولا رداً (التناسب).
كما ننوه للحكومة السعودية، إن إسقاطها مصطلحات الإرهاب مع المدافعين عن حقوق الإنسان والمتظاهرين والذي تمارسه في الإعلام وفي لوائح الاتهام، لا يجيز لها القتل: (ينبغي ألاّ تتخذ الدول حالات الطوارئ أو التهديدات الإرهابية ذريعةً لتقويض الحق في الحياة من خلال منح موظفي إنفاذ القانون صلاحيات لاستخدام القوة لا رقيب عليها) [5] .
تعتقد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن إصرار الحكومة السعودية على التعاطي مع حرية التعبير والتجمعات والمظاهرات بالاستخدام المفرط للقوة، لا يتفق مع المنصب الذي تشغله المملكة في مجلس حقوق الإنسان كعضو منتخب حتى 2016. إذ ينص القرار التأسيسي للمجلس على: (أن يتحلى الأعضاء المنتخبون في المجلس بأعلى المعايير في تعزيز وحماية حقوق الإنسان)، وهذا ما يختلف تماما.
إننا في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، نطالب الحكومة السعودية بإيقاف سياسة الإفلات من العقاب، التي نعتقد أنها السبب الرئيسي في تفاقم أنماط الانتهاكات مثل القتل والتعذيب، كما ندعو الحكومة السعودية إلى الكف عن استهداف صور التعبير السلمي والتجمعات السلمية التي تكفلها القوانين الحقوقية.
[1] تقرير المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً، السيد كريستوف هاينز، الفقرة 25، 1 أبريل 2014 ، A/HRC/26/36 ، http://www.ohchr.org/EN/HRBodies/HRC/RegularSessions/Session26/Documents/A-HRC-26-36_ar.doc
[2] نفس المصدر، الفقرة 35.
[3] مبادئ المنع والتقصي الفعالين لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة
http://www1.umn.edu/humanrts/arab/b054.html
[4] تقرير المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً، من الفقرة 42 حتى الفقرة 74، A/HRC/26/36
[5] نفس المصدر، الفقرة 125