إستعرضت المملكة العربية السعودية في 5 نوفمبر 2018 تقريرها الوطني الثالث الذي قدمت الفريق العامل المعني بالإستعراض الدوري الشامل في دورته الواحدة والثلاثين في 20 أغسطس 2018.
التقرير الوطني السعودي تحدث عن إنجازات على صعيد حقوق الإنسان في عدة مجالات وربط ذلك برؤية 2030 متجاهلا التدهور الذي شهدته حقوق الإنسان في البلاد منذ تسلم الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم وتسليمه إبنه محمد بن سلمان ولاية العهد.
وبيّن التقرير المنهج الذي أتبع في إعداده، مشيرا إلى أنه جرى متابعة التوصيات التي وافقت عليها السعودية خلال الدورات السابقة، على الرغم من أن الحقائق تؤكد عدم تنفيذ معظم هذه التوصيات. وأشار التقرير إلى أنه تم جمع المعلومات “بموضوعية وشفافية من خلال التواصل مع الجهات المعنية وبينها ممثلي ومؤسسات المجتمع المدني”. وبالنظر إلى أن السعودية حلّت كافة المنظمات غير الحكومية المستقلّة وإعتقلت مؤسسيها ولا زالت ترفض السماح لأي منظمة بالعمل فإن شوائب التقرير تبدأ من إستعراض آلية الإعداد.
التقرير تحدث عن تحولات إيجابية يستند عليها تطور حقوق الإنسان في البلاد بينها ما يتعلق بالتشريعات والقوانين، التي عددها وإعتبر أنها تكفل حماية وتعزيز حقوق الإنسان وأشار إلى أنه تم تعديل عدد من القوانين والتشريعات كما صدر أوامر ملكية ولوائح جديدة بهدف تعزيز حقوق الإنسان.
تعداد القوانين والأنظمة تجاهل عدم قابلية الكثير من مواد هذه الأنظمة للتطبيق بسبب الإستثناءات الواسعة التي تحويها، إلى جانب المواد التي تجرم ممارسة حقوق أساسية إلى جانب أن لا وجود للقضاءالمستقل الذي يضمن تطبيق القوانين. كما ان التعديلات التي ذكرت لم تغير على أرض الواقع، فعلى سبيل المثال على الرغم من الإشارة إلى تعديل قانون الأحداث بما يؤكد إستبدال عقوبة الإعدام بالسجن لا زال 8 أحداث على الأقل يواجهون عقوبة الإعدام، فيما تبرر الحكومة السعودية ذلك في ردودها على رسائل أممية.
التقرير الوطني السعودي تحدث عن تعزيز حقوق الإنسان على أرض الواقع حيث أشار إلى أن التحسينات طالت أكثر المستويات، بنيها القضاء والعدالة الجنائية ، وتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب، وتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، ومكافحة الإتجار بالبشر والمجتمع المدني وحرية الرأي والتعبير وخدمة الحرمين الشريفين والتعليم والرعاية الصحية والعمل والحق في التنمية وحقوق المرأة والطفل وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
تنافي المستويات التي أشار إليها التقرير الواقع في السعودية، حيث لا زالت الإنتهاكات تطال المواطنين والمقيمين من كافة الأعمار، أطفالا ومسنين وعلى مختلف الصعد، ففيما اشار التقرير إلى أن هناك تطورات إيجابية على صعيد القضاء من خلال إيجاد هيئة للمحامين وإستقلال النيابة العامة وإننشاء المحاكم المتخصصة، تعتقل الحكومة المحامين الذين دافعوا عن معتقلي الرأي وتخلق بيئة غير آمنة لعملهم. وبينما أشار التقرير إلى أن هناك عمل على ضمان جودة التحقيق بما يمنع أي نوع من التعذيب كما لا زال القضاة يرفضون التحقيق في مزاعم تعرض المتهمين للتعذيب ويصدرون أحكاما قد تصل إلى الإعدام بتهم منتزعة تحته.
إلى جانب ذلك لا زالت النيابة العامة ترتبط مباشرة بالملك بما يمنع إستقلاليتها، وتستخدم المحاكم الخاصة التي تغنّى بها التقريروبينها المتخصصة بمكافحة الإرهاب لمعاقبة المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء وتجريم عملهم وإصدار أحكام قاسية بحقهم.
وفيما أشار التقرير إلى أن هناك حملة لمكافحة الفساد فإن الهيئة المشرفة عليها غير مستقلة وتابعة بشكل مباشر إلى ولي العهد محمد بن سلمان، كما تم إعتقال العشرات بينهم أمراء والإفراج عن بعضهم لاحقا من دون مقاضاتهم وفي ظل تأكيدات حول تعرضهم للتعذيب وهذا ما يطرح أسئلة حول جدية وجدوى وهدف هذه الحملة.
إضافة إلى ذلك لا زالت السعودية تمنع منظمات المجتمع المدني المستلقة وتعتقل النشطاء على خلفية تأسيس منظمات والتعبير عن رأيهم كما لا زالت تعتقل عشرات الصحفيين والمدونين وتصدر أحكام قاسية بحقهم. وفيما أشار التقرير إلى حماية حقوق ذوي الإعاقة من خلال النصوص لا زالت الحكومة تتجاهل طلب لجنة أممية حول المعتقل معاق محكوم بالإعدام منير آدم.
التقرير تحدث عن خطط تنمية مستدامة تعمل الحكومة عليها بما يضمن حقوق الإنسان على كافة الصعد. يأتي ذلك فيما شهدت الفترة التي يشملها التقرير عملية تدمير وتهجير واسعة لسكان حي اثري في بلدة العوامية في المنطقة الشرقية من السعودية بحجة التنمية.
وفيما إعتبر التقرير أن حقوق المرأة “أكثر المجالات نصيبا من الإصلاح والتطوير خلال المدة التي يغطيها التقرير” من خلال التدابير التي أتخذت وبينها نظام الحماية من الإيذاء ورفع الحظر عن قيادة السيارة، لا زالت المرأة في السعودية خاضعة لنظام ولاية الأمر، كما تم إعتقال المدافعات عن حقوق الإنسان اللواتي كن رائدات في المطالبة بالحق في القيادة إلى جانب أن هذه الفترة شهد مطالبة بحكم إعدام بحق ناشطة وتهديد أخريات به إلى جانب أحكام بالسجن.
التقرير أشار إلى أن السعودية تسعى إلى تنفيذ إتفاقيات حقوق الإنسان والتعاون مع الآليات الإقليمية والدولية مشددا على أن هذه الإتفاقيات جزء من القانون الوطني وأن الحكومة عملت على تنفيذ إلتزاماتها بموجب هذه الإتفاقيات، إلى جانب كونها إستجابت بشكل فاعلى على تساؤلات وإستفسارات المقررين الخاصين وإجراء الشكاوى التابع للمجلس.
هذه الإدعاءات تأتي في سياق الحملات الدعائية التي تقوم بها الحكومة، حيث أن الرصد والتوثيق يظهر أنها تنتهك معظم إلتزاماتها بموجب الإتفتاقيات الدولية وخاصة إتفاقية حقوق الطفل وإتفاقية مناهضة التعذيب. كما أنها تقدم معلومات غير دقيقة وزائفة في بعض الأحيان كرد على أجوبة المقررين، فيما تتجاهل العديد من الرسائل التي تصلها ولا زالت ترفض أو تتجاهل طلبات الزيارة التي تتلقاها من المقررين الخاصين في الأمم المتحدة وأبرزهم المقرر الخاص بالتعذيب.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن التقرير الوطني الذي قدمته السعودية بموجب الإستعراض الدوري الشامل هو جزء من سلسلة الإدعاءات الرسمية التي تحاول تضليل المجتمع الدولي ومجلس حقوق الإنسان عن الواقع والحقائق. وتشدد المنظمة على أن الفترة التي شملها هذا التقرير شهدت تدهورا في أوضاع حقوق الإنسان بشكل غير مسبوق، وتفنيد الحقائق يؤكد ذلك وهذا ما يستدعي المزيد من العمل الدولي لضمان إلتزام السعودية بتعهداتها بصفتها دولة عضو في مجلس حقوق الإنسان.