تستمر الحكومة السعودية بتعزيز الممارسات العنصرية ضد طيف واسع من المواطنين والمقيميين، وذلك عبر العديد من أجهزتها الرسمية، ومن ضمنهم أمراء من الأسرة الحاكمة في مناصب رفيعة، حيث يدلون بتصريحات عنصرية تحرض على الكراهية وتعزز من ممارسات التمييز ضد الآخر المختلف. فالاقليات الدينية كالصوفية والزيدية والاسماعيلية والشيعة يواجهون بكراهية متفاوتة الحدة، تساهم فيها المؤسسة الدينية والتعليمية الرسمية، ورجال دين موظفين حكوميين وغيرهم.
ينطلق جزء من ممارسات التمييز العنصري من آراء دينية، راكمت عبر الزمن ثقافات عنصرية، عميقة في بعض جوانبها، ولا تزال هذه الثقافة تستمد حيويتها من رجال دين ومحاضرات ودروس وفتاوى وكتب ومناهج دراسية.
كما وينتشر بين بعض الاوساط الاعلامية والثقافية بالسعودية، لغة دونية ضد السعوديين المنحدرين من أصول آسيوية، كالشريخة “البخارية”، حيث الانتقاص العنصري من هذه الفئة ممارسة واضحة تتجاهل الحكومة السعودية مجابهتها بإجراء قانوني.
أما على مستوى المناطق والقبائل، فيلاحظ أن المناصب العليا بوزارات الدولة والمناصب الدبلوماسية والادارية العليا والمتوسطة بالقطاع العام، والمناصب الادارية بالشركات الحكومية، يتم توزيعها في أحيان ليست بالقليلة بناء على معادلات عنصرية مناطقية أوقبلية، أكثر من كونها تبنى على أساس الأهلية و الكفاءة، فمعظم من يتسلم هذه المناصب تعود أصولهم لقبائل ومناطق معينة، ويلحظ في بعضها وجود علاقة تاريخية تربطهم بالعائلة الحاكمة.
ولم يخلو كذلك القطاع الخاص من هذه الممارسات، نظرا لما انتهجته الحكومة السعودية منذ تأسيسها من سلوكيات عنصرية أثرت في السلوك العام. وفي اللحظة الراهنة لاتوجد بوادر جدية لأن تتخذ الحكومة أي اجراءات قانونية لمعالجة ذلك، كما إن العلاج يزداد صعوبة لكونها في الأساس -كدولة- تقوم على العنصرية في الكثير من أجهزتها أكثر مما تعتمد على المؤهل والجدارة، وذلك لضمان الولاءات، وهذا ما ينعكس سلبا على مستوى الأداء والإنتاجية والتطوير والنزاهة في البلاد.
وفي الوقت الذي تحتاج البلاد إلى قضاء مستقل عادل تحتمي به من ممارسات التمميز العنصري، نجد أن المحاكم السعودية ذاتها تقوم بممارسات عنصرية، مثل تطليق الأزواج عن بعضهم تحت ذريعة عدم (تكافؤ النسب) على خلفية إنتماءات الزوجين القبلية، وعدم السماح للمنتمي للمذهب السني بالزواج من المنتمية بالمذهب الشيعي والعكس، وقبال هذه الممارسات لايكاد يوجد دور فاعل للحد منها من قبل وزارات أخرى كالاعلام والتعليم.
كما ينتشر وعلى نطاق واسع التمييز العنصري والممارسات المهينة لشريحة العمال الاجانب، وخصوصا القادمين من وسط وشرق آسيا، وبالذات حينما يكونوا من ذوي المؤهلات المحدودة والوظائف الدنيا. وعوضا عن وجود قوانين تحميهم، فإن القضاء ذاته لاينصفهم في كثير من الأحيان، وخصوصا حينما يكون خصمهم سعوديا، أو يكون الخصم هو (الكفيل)، الذي يمكنه التحكم بشكل كبير بمصير العمال بموجب نظام (الكفالة) الذي يحتوي على صلاحيات واسعة للكفيل هي أشبه بالعبودية. وبمناسبة إتخاذ الأمم المتحدة عنوان: “التنميط العنصري والتحريض على الكراهية، بما في ذلك ما يتعلق بالهجرة” كعنوان لليوم الدولي اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري في 2017، لانرى مبادرات قانونية جادة من شأنها ضمان حق وكرامة قرابة 10 مليون أجنبي في السعودية -معظمهم مهاجرا من موطنه لغرض العمل- من التمييز العنصري، على الرغم من تعرضهم لممارسات عنصرية متعددة.
نظرا للمساحة الجغرافية الواسعة في السعودية، وتنوع وتباعد سكانها، فإن هناك حاجة ملحة لحماية العلاقات واحترام التعدد الثقافي والديني، وبالرغم من مطالب كثيرة من قبل المواطنين بسن قوانين تجرم العنصرية والكراهية، حيث رُفِع مقترح لإصدار قانون وطني يجرم ممارسات كالطائفية والكراهية، إلا انه تم رفضه في يونيو ٢٠١٥ من قبل مجلس الشورى ولم تبادر الحكومة بعد ذلك بخطوات قانونية بديلة من شأنها علاج هذه المشكلة. إن هذا التمييز الناتج من أفكار دينية، وثقافات ومفاهيم خاطئة، قد تسبب في إيجاد نسب متفاوتة من الكراهية بين الطوائف والفئات المختلفة في السعودية.
تتبع السلطات السعودية سياستي التجاهل والتضليل فيما يتعلق بالعنصرية المتفشية، فبالرغم من أن مؤسسات الدولة نفسها ترعى هذه الممارسات وتسمح بانتشارها في مختلف مجالات عملها، إلا أنها كثيراً ما تنكر وجودها بل وتزعم إنها تنشر ثقافة التسامح والتعايش بداخل السعودية وخارجها. فقد أقامت امارة المنطقة الشرقية في مايو ٢٠١٦ حملة (احنا اهل) التي تهدف الى “تعزيز اللُّحمة الوطنية، ونبذ التطرف والفرقة” بالسعودية، كما واقيم ايضا في فبراير ٢٠١٧ ملتقى “التعايش ضرورة شرعية ومصلحة وطنية” والذي يهدف إلى “ابراز المنهج الاسلامي في التعايش بالمملكة العربية السعودية ونشر ثقافة التسامح والحوار بين الأطياف”. كما وأن السعودية عضو مؤسس وداعم لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين الأديان في مدينة فينا، الذي افتتح في نوفمبر ٢٠١٢. توضح هذه المبادرات المفارقة بين واقع السعودية المحلي وبين التضليل الذي تمارسه على المستوى الدولي.
إن الممارسات العنصرية التي تمارسها محليا، مدانة وفقاً لاتفاقيات ومواثيق الامم المتحدة، وتعد انتهاكاً لحقوق الانسان والحريات الاساسية المعلنة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الانسان تطالب الحكومة السعودية في اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري بالقضاء على كافة أشكال التمييز المبنية على العرق أو الدين أو الأصل أو الجنس، عبر سن حزمة من القوانين والبرامج الوقائية بمشاركة أساسية ودور واسع للمجتمع المدني بعيدا عن أي تهديدات أو قمع.