تستمر حكومة المملكة العربية السعودية بالتوسع في أحكام الإعدام، فبعد الإعدام الجماعي في 2 يناير 2016، والذي أعدمت فيه 47 سجينا لم يتوفر لبعضهم ممن رصدت المنظمة الأوروبية السعودية قضاياهم، محاكمات عادلة، يوجد اليوم بحسب رصد المنظمة 57 سجينا يتهددهم الإعدام في مختلف درجات التقاضي.
في 20 أبريل 2016، أُرسل حكم قتل يوسف المشيخص (29 مارس 1974) تعزيراً، إلى وزارة الداخلية، وذلك بعد أن صادقت عليه محكمة الإستئناف والمحكمة العليا،، أتى ذلك بعد 3 أشهر من صدور الحكم الإبتدائي في 16 يناير 2016، وبعد أكثر 25 شهراً على إعتقاله. إرسال الحكم إلى وزارة الداخلية يعني إن إعدامه قد ينفذ في أي لحظة.
وكانت السلطات السعودية قد اعتقلت المشيخص، في 25 فبراير 2014، من نقطة تفتيش في مدينة رأس تنورة في المنطقة الشرقية من السعودية أثناء عودته من عمله. ولم تقدم القوات التي اعتقلته مذكرة رسمية، ولم تشرح أسباب الإعتقال.
حرم المشيخص من الزيارة العائلية لقرابة 3 أشهر، وذلك كأسلوب ضغط يصاحب التحقيق والتعذيب، شاهدت أسرته آثار التعذيب على جسده، ما دفعهم إلى مخاطبة الجهات الرسمية والمنظمات الحقوقية الرسمية، إلا أنهم لم يتلقوا أي رد.
في سجن المباحث العامة في محافظة الدمام والمخصص لسجناء القضايا السياسية، تعرض المشيخص لأشكال متعددة من التعذيب الجسدي والنفسي.
خلال التحقيق ضرب بالخيزران وبالأسلاك الكهربائية على مختلف أنحاء جسده، كما تم تكبيله وتمديده على الأرض وضربه من قبل 4 من العساكر حتى الإدماء، وضربه بطريقة الفلكة، والتسهير. إضافة إلى ذلك تعرض للشتم والألفاظ الغير أخلاقية، وشتم وإهانة المعتقدات الدينية، والإحتجاز في زنزانة إنفرادية لأكثر من 3 أشهر مصحوبة بحرمان من الزيارة العائلية. ترك التعذيب الذي تعرض له والذي كان يهدف إلى انتزاع إعترافات منه، آثاراً على جسده.
كذلك حينما أرسل لتصديق الإقرار، قام العساكر المرافقين له بتهديده بتعذيب يفوق ما يمكن له أن يتحمله، وذلك في حال عدم توقيعه على الإقرار وإنكاره له، ما أضطره للتوقيع على الإقرار المنسوب له والمكتوب بخط المحقق أمام القاضي دون مناقشة ودون أن يقرأ المكتوب أو يقرأه عليه القاضي.
عُرِض المشيخص على المحكمة الجزائية المتخصصة في 26 يوليو 2015، وجه له المدعي العام تهماً منها الخروج في المظاهرات، ومساعدته في علاج مصابين بنيران قوات الأمن، وإطلاق النار رجال الأمن وعلى مدرعة تابعة لقوات الطواريء وعلى مركز شرطة العوامية مع أفراد آخرين ما نتج عنه إصابة رجلي أمن بجروح، والتستر على مطلوبين، وحيازته لسلاح ناري، ومراقبة رجال الأمن. طالب المدعي العام بقتله بناء على حد الحرابة، وإن لم يتحقق ذلك فقتله تعزيراً.
قامت المحكمة بإدانته بناء على إقراره المكتوب بخط يد المحقق، والذي وقع عليه المشيخص أمام القاضي بعد تهديد العساكر له بالتعذيب، وبناء على دفاتر التحقيق.
أما المزاعم بتعرض المشيخص للتعذيب والتي تحدث عنها أمام القاضي، فقد أطَّلَع القضاة على تقرير طبي صادر من المستشفى الحكومي الموجود داخل سجن المباحث ينفي تعرض المشيخص للتعذيب، ويصفه بأنه (يتمارض)، وإنه لايوجد في جسده آثار ناتجة من تعذيب، والآثار الموجودة في جسمه قديمة.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، تؤكد أن المواطن يوسف المشيخص لم يحظى بإصول ومباديء المحاكمات العادلة. وفي الوقت الذي نؤكد إن من حق الدول أن تحمي أمنها، فإن ذلك لا يبرر بأي حال من الأحوال تجاوز القوانين والأنطمة، واستخدام التعذيب الذي بات إنتهاكاً ممنهجا وشائعا في السعودية ويستخدم في أغلب قضايا الرأي والقضايا الأمنية والسياسية.
كما أن المنظمة ترى أن الأجهزة المختلفة التي تعاطت مع قضية المشيخص، الشرطة والمباحث والإدعاء العام والقضاء والمستشفى، كلها غير مستقلة وتشترك في إنها ترجع لوزارة الداخلية أو تستطيع وزارة الداخلية التحكم فيها.
وتطالب المنظمة السلطات السعودية بالإفراج الفوري عن المشيخص، وضمان توفير محاكمة له وفق أصول ومباديء المحاكمات العادلة، مع تأكيد المنظمة على إن جهاز العدالة الحالي غير مؤهل لتوفير محاكمة عادلة، الأمر الذي يستلزم إصلاح نظام العدالة حتى يكون قادرا على توفير المحاكمات العادلة.
كما تطالب بالتحقيق في مزاعم تعرضه للتعذيب، وإيقاف سياسة الإفلات من العقاب التي تقودها وزارة الداخلية، عبر توفيرها الحصانة لمنسوبي الأجهزة الأمنية.
تبدي المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، مخاوفها الجدية على حياة المشيخص وأنه قد يتم إعدامه في أي لحظة، داعين المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالتدخل الفوري وإنقاذ حياته وحياة آخرين يتعرضون لذات المصير.