فيما يقبع المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان في السجون، وفي ظل استمرار تهديد حياة العشرات بالإعدام واستمرار ممارسة التعذيب بشكل ممنهج مع غياب تام لسبل المساءلة، تحدث رئيس هيئة حقوق الإنسان الرسمية عواد العواد أمام مجلس حقوق الإنسان عن “إصلاحات تاريخية”.
وفي كلمة ألقاها عن بعد في الجزء رفيع المستوى من الدورة السادسة والأربعين للمجلس، قال العواد أن السعودية شهدت “90 إصلاحا حقوقيا كبيرا”، معتبرا أنها من ثمرات رؤية 2030 والتشريعات التي أعلن عنها ولي العهد محمد بن سلمان.
العواد اعتبر أن هذه الخطوات، ومن بينها قرار المحكمة العليا وقف أحكام الجلد واستبدالها بعقوبات أخرى هو تقنين للشريعة الإسلامية وأنها تتوافق مع تعهدات السعودية بموجب القوانين الدولية.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن كلمة العواد، اعتراف ضمني بانتهاج السعودية لتعريف متطرف للشريعة الإسلامية على مدى السنوات الماضية، وهو ما كانت قد نفته سابقا بشكل حاد وخاصة أمام مجلس حقوق الإنسان.
وفيما قال العواد أن حقوق المرأة حضيت بالجزأ الأكبر من الإصلاحات من خلال إقرار عدد من التعديلات التي تهدف إلى تحقيق المساواة، فإن الكلمة لم تبين مدى التطبيق، في ظل استمرار التضييق على المدافعات عن حقوق المرأة، من خلال الاعتقال والتهديد، إلى جانب استمرار العنف ضد النساء بكافة أشكاله مع غياب آليات وقفه.
كلمة العواد تطرقت إلى حقوق الطفل، حيث اعتبر أن إقرار نظام الأحداث في العام 2018 هو “تطور نوعي”، وأنه “حدد كيفية التعامل مع الأحداث الجانحين”، كما قال أن أهم ما ورد فيه استبدال عقوبة الإعدام بحق الأطفال بالسجن 10 سنوات كحد أقصى. وقال العواد أن الملك أصدر أمرا لتطبيق ذلك على قاصرين ارتكبوا جرائم وهم دون 18 وحكم عليه قبل صدور قانون الأحداث.
تشير المنظمة إلى أن الأمر الملكي الذي نشر عنه في أبريل 2020 وذكره العواد لا زال غامضا، حيث لم يتم نشره بشكل رسمي. وإضافة إلى ذلك، فإن الحكومة السعودية نفذت إعدامات في أبريل 2019 ست قاصرين وذلك بعد إصدار قانون الأحداث، كما لا يزال حاليا عدد من القاصرين يواجهون خطر الإعدام. وفي ظل انعدام الثقة في تصريحات ووعود السعودية وإمكانية التلاعب كما حصل في قضايا سابقة، تستمر المخاوف على حياة القاصرين المعتقلين.
العواد تطرق إلى جائحة كورونا والتدابير التي تم اتخاذها لمكافحتها، معتبرا أن السعودية قدمت “الإنسان على كل اعتبار، ضاربةً أروع الأمثلة في تطبيق مبدأ تكاملية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة”. وكانت المنظمة الأوروبية السعودية قد رصدت انتهاكات السعودية لعدد من الحقوق بسبب اجراءات الجائحة، بما في ذلك ممارستها بحق مهاجرين أثيوبيين عمدت إلى اعتقالهم بشكل غير إنساني من دون أخذ الوباء بعين الاعتبار، إلى جانب اعتقالات تسعفية على خلفية التعبير عن الرأي.
الكلمة أشارت إلى أن موقف السعودية ثابت من القضية الفلسطينية والداعم لحق الشعب الفلسطيني، وذلك في ظل استمرار اعتقالها لقيادات فلسطينية بسبب مواقفهم الداعمة للقضية. وفيما أكدت تقارير أممية مسؤولية السعودية والتحالف الذي تقوده عن قتل أطفال ومدنيين في اليمن ادعى العواد أن بلاده من أبرز الداعمين الاستقرار والسلام في اليمن.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن كلمة رئيس هيئة حقوق الإنسان الرسمية هو استكمال لدورها في تبييض ملفات الحكومة السعودية والذي برز خلال الفترة الأخيرة. كما أن الكلمة تظهر انعدام الواقعية في التعاطي واستمرار التعامل مع الملفات الحقوقية في الحملات الدعائية من دون إصلاحات ملموسة تساهم في حماية الحقوق ومنع الانتهاكات ومحاسبة المنتهكين.